سعادة الفلسطيني لا تضاهي سعادة!

كتب أحمد الزاغة: يبدو ان الفلسطيني مصنوع من طين غير ما صنع به سائر الشعوب، فمنذ ما يزيد عن المائة عام وهو يشعر بالسعادة الفائقة، تبدأ من السعادة تحت الانتداب البريطاني وأخرى تحت الحكم الأردني وثالثة تحت الحكم المصري وأخرى تحت نير الاحتلال الصهيوني ومن ثم تحت حكم السلطة الفلسطينية، وتفننت تلك الأنظمة في الحكم، وقد تعود الفلسطيني على هذا النوع من السعادة.

فكل فلسطيني تسنح الفرصة للسفر خارج فلسطين سواء عبر معبر الكرامة او عبر مطار اللد (بن غوريون) يشعر بهذا الكم من السعادة، والكل يركض لمساعدته طبعاً ليس ببلاش، فالكل ينتظر ان يقوم المسافر باكرامه بالبقشيش كما يقول المصريون. يتم اعطاؤه رقماً قبل دخوله استراحة اريحا، ويسلم حقائبه ويشتري ضريبة المغادرة وتذاكر السفر عبر حافلات عبد الحي شاهين ويلتزم بالدور ويصبر لأنه بعد ساعات ستفتح له طاقة الفرج وسيخرج من السجن الكبير الى الحرية، ويزداد الازدحام مع العطلة الصيفية، فالطلاب يغادرون للسفر للالتحاق بجامعاتهم وخصوصاً بعد ظهور نتائج التوجيهي، او يسافرون لقضاء اجازتهم في الأردن او احدى الدول الأوروبية وهناك القادمون من الدول الأخرى لقضاء اجازتهم الصيفية في ربوع الوطن.
قد ينتظرون ساعة او أكثر قبل دخول صالة المغادرين في الاستراحة الإسرائيلية، ويلتزمون بالدور، وان كان وضع المسافر المالي يسمح له السفر بواسطة VIP والملاحظ ان عدد زوار هذه الخدمة أصبح بازدياد، ولكن بسبب الزحام والاكتظاظ حتى في هذه الوسيلة فلا بد ان تقوم بتقديم الرشوة لاحد الضباط كي يسرع عملية سفرك، لان حظك يختلف عن الآخرين الذين لا يستطيعون السفر الا عبر الوسيلة المتعارف عليها. عادة تنتهي الاجراءات في الاستراحة الإسرائيلية في الذهاب بسهولة ما لم يكن هناك منع أمنى.
وعندما تصل الاستراحة الأردنية تنفرج اساريرك فانت الآن في حضن الاشقاء الأردنيين والذين يشكلون الرئة التي نتنفس بها ولكن لابد من الانتظار قليلاً كي يتعرف عليك الذبان والذي يحوم بالأجواء وتدخل القاعدة بعد ان يتم ختم البطاقة البيضاء بعبارة “تعهد” ويتم تفتيشك امنياً واخيراً تدخل قاعة واسعة وفيها العديد من الشبابيك ولكن لا يعمل فيها الا نافذتان فقط، حتى تتعرف على الضباط والمسافرين وتتحدثون حتى يأتي دورك وتقدم الجواز وتأخذه من النافذة الأخرى بع الانتظار وتدفع قيمة  التعهد البالغة عشرة دنانير، قد تشتري شيئاً من السوق الحرة او تغادر لاستلام الشنط.
ما شاء الله الشنط مرتبة فوق الارفف وعلى الأرض وتتوه بين الفوضى وتبتسم فانت فلسطيني سعيد وستقضي إجازة رائعة. يحالفك الحظ ان وجدت الحقيبة سريعاً ولابد ان تضعها في جهاز الفحص ومن ثم تدفع ديناراً وتركب السيارة متوجهاً لعمان بعد ان تنهشك جموع السائقين فانت رزق نزل من السماء وقادم من الأراضي المقدسة!
في كل حدود او مطار تشعر ان هناك اهتماماً خاصاً بك حتى تلعن لماذا خلقت فلسطيني، الكل يحقق ويسأل ويستفسر ومن ثم يسمح لك الدخول لتلك البلد او خائباً لأرض الوطن؛ تقضي اجازتك وتشعر بالراحة النفسية والاسترخاء وتعود للأردن وتبدأ معاناتك مع الإجراءات الجديد، فعليك ان تحجز مع شركة جت موعد رجوعك وتدفع سبعة دنانير ان حالفك الحظ وكان الموقع متاحاً فهناك عودة للكثيرين لأرض الوطن لقضاء عطلتهم الصيفية، واذا لم يحالفك الحظ تنزل مباشرة الى الجسر فتجد هناك من سهل عليك المهمة وقام بعمل الحجز ليبيعك إياه ب سبعين ديناراً فانت سعيدٌ وغالٍ، او تذهب الى محطة ما يسمى الأشخاص المهمين VIP وتدفع مبلغ مائة وخمسة وثلاثون دولاراً كي تسبق الناس الآخرين وتج ان هناك المئات من الناس قد عملوا مثلك، ولن تسلك امورك حتى في ال VIPالا اذا قدمت رشوة لاحدهم ليقوم بإخراج جوازك واخذك الى الحافلة واما المسافرون العاديون  فلهم الله والسماء والطارق والشمس الحارقة ويلعنون الساعة التي خرجوا فيها من فلسطين ليعملوا او ليستجموا. ما هذا وما الذي يحصل؟ ولماذا الكل يتآمر على سعادة هذا الشعب من كافة الأطراف؟ وان من يتحمل المسؤولية هو ضعف التنسيق ما بين الجانبين الفلسطيني والأردني والإسرائيلي؟ لقد كانت هناك وعود بتخفيف هذه الازمة وزيادة المرافق والموظفين ولكن كلها أضغاث أحلام. واما انهاء المعاملات فلا زالت على شاكلتها، عليك بتعبئة الكرت الأبيض والصف بالدور التزاماً بالنظام وتصل الشباك وتعطي الجواز للموظف ويقوم بإعطائه لزميله ويطلب منك الانتظار حتى تمل الانتظار ومن ثم يأتيك موظف آخر وبيده مجموعة من الجوازات وتتجمع الجماهير حوله كالدجاج عندما يأتي المزارع لهم بالطعام فيتجمعون حوله ، ويبدأ بتسمية اسم صاحب الجواز ويلقيه له طائراً او ارضاً كيفا تيسير، وهنا تعود السعادة على وجه المسافر الفلسطيني
ان المعركة الجارية على الجسور هي اشد ضراوة من المعارك في القطاع! فإلى متى هذه المهزلة وعلى المعنين انهاء هذه الأزمة والتخفيف عن المواطن السعيد وجعله يعيش قمة السعادة ليكون فخوراً بانتمائه لفلسطين وعروبته وليعطوه دفعة للاستمرار بالحياة.
للخروج من هذه الازمة المعضلة انا اقترح ما يلي:
1. الامتناع عن السفر لمدة شهر على الأقل
2. ان يعود العمل على المعابر على مدار الأربعة وعشرين ساعة كما كان قبل اندلاع الحرب ام ان هذا الأمر بعيد عن التنسيق بين كافة الأطراف.
3. يجب ان يعود بيع التذاكر للحافلات في الاستراحة كما كان سابقاً.
4. يجب استخدام قراءة الجوازات بواسطة نظام البيومتري كما هو معمول في كل المعابر
5. الغاء خدمة ال VIP ليكون هناك عدالة بين المواطنين.
6. تحسين الخدمات على المعابر.
7. القضاء على تجارة الدخان والمهربين لأنهم جزء أساسي من المشكلة.
ان طبقت هذه الإجراءات سيعود المواطن سعيداً وستشع السعادة من وجهه وسيرفع شعار ابتسم انت في فلسطين.

عن Atlas

شاهد أيضاً

مروان طوباسي يكتب : نَحن والشعوب في مواجهة السياسة بالنار ، الغرب على خطى أعادة عسكرة العالم

بالمجمل، فأن زيارة نتتياهو الى واشنطن أكدت أن وجود ترامب في الحكم للمرة الثانية أعاد …