“اما نحن اما هم ” سموتريتش لا يكذب…..إسرائيل لا تريد عربًا ولا دولة فلسطينية

اطلس: كتب إسماعيل جمعة الريماوي: بينما تتهافت بعض الأنظمة العربية على بوابات التطبيع، وتتسابق النخب الرسمية لتقديم أوراق الولاء إلى واشنطن وتل أبيب، يخرج وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ليقول بوقاحة تامة: “العرب سيظلون عربًا، وإما نحن أو هم”، مضيفًا أن “السلطة الفلسطينية ستكون في مزبلة التاريخ”، وأنه “لن تقام دولة فلسطينية أبدًا”، قبل أن يختتم بتصريحه الأخطر: “لدينا فرصة تاريخية لفرض السيادة على الضفة وغزة”.

هذا التصريح لا يحتاج إلى تفسير ولا إلى تحليل معقّد، إنه بيان حرب، لا على الفلسطينيين فحسب، بل على كل من ما زال يراهن على إمكانية التعايش أو الحلول السياسية أو حتى الحد الأدنى من العدالة مع هؤلاء القتلة.
سموتريتش، الذي يمثل أقصى تطرفات اليمين الديني الصهيوني، لا يقول شيئًا جديدًا في جوهره، لكنه يقول ما كانت تخفيه النخب الإسرائيلية تحت عناوين براقة لعقود، اليوم في عهد بن غفير ونتنياهو وسموتريتش، لم تعد إسرائيل تشعر أنها مضطرة للتجميل أو التمويه أو تلطيف خطابها، فهي تعتبر نفسها في لحظة تاريخية نادرة: غطاء دولي للجرائم، انقسام فلسطيني، انهيار و تواطؤ عربي كامل، وبيئة إقليمية مشغولة بذاتها أو منخرطة في خيانات صريحة.
“إما نحن أو هم”، هي الصيغة الأكثر اختزالاً للمشروع الصهيوني منذ النكبة وحتى اللحظة، هذا المشروع لم يكن يومًا مشروع تسوية أو تعايش أو حل دولتين، بل هو مشروع إحلالي إقصائي، يقوم على طرد السكان الأصليين، أو تقليصهم، أو سحقهم تحت نير القمع والتهجير والتجويع، وتحويلهم إلى مشكلة أمنية، لا إلى شعب صاحب قضية، ما يعلنه سموتريتش اليوم هو تكثيف لما فعله أسلافه من دافيد بن غوريون إلى آريئيل شارون، مرورًا برابين وباراك وأولمرت ونتنياهو.
أما ما يثير الغضب والدهشة، فهو موقف السلطة الفلسطينية التي تواصل الرهان على وهم الدولة الموعودة، وتواصل التنسيق الأمني مع عدو يعلن جهارًا أن لا مكان لها ولا لدولتها ولا حتى لرمزيتها، فبينما يعلن سموتريتش أن السلطة إلى مزبلة التاريخ، لا تزال الأخيرة تحاول تقديم “عرابين الطاعة”، عبر التنسيق الأمني وملاحقة المقاومة، وكتم الغضب الشعبي، وتثبيت الاستقرار في الضفة لكي يواصل الاحتلال ضم الأرض، وبناء المستوطنات، وتشديد الخناق على غزة.
الأكثر سخرية أن هذه السلطة لا تحظى بأي احترام حتى من حلفائها المفترضين، إذ تفرض عليها الولايات المتحدة العقوبات وعلى مسؤوليها، أو تهمشها في المؤتمرات، أو تستخف بوجودها أمام كل طرح جدي أو زائف للحلول، ورغم كل هذا، لا تزال تصر على دورها البائس، وكأنها آخر من يعلم أنها فقدت كل مقومات البقاء والشرعية.
في المقابل، يعلن الاحتلال أنه أمام “فرصة تاريخية” لفرض السيادة على الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي ليست مجرد كلمات للاستهلاك الداخلي، بل خطة عملية بدأت منذ زمن: التهويد المتسارع في القدس، ضم مناطق (ج) تدريجياً، تشديد الحصار على غزة، وتفريغها بالقصف والتجويع لدفع السكان نحو النزوح القسري، كل ذلك يجري تحت سمع العالم وبصره، دون أي مساءلة أو ضغط حقيقي، بل في ظل تواطؤ غربي مكشوف وصمت عربي مدوٍّ.
إن تصريحات سموتريتش ليست زلة لسان ولا موقفاً شخصياً، بل هي التعبير الأكثر وضوحًا عن توجه استراتيجي داخل دولة الاحتلال، والتحدي الآن ليس في استنكار هذه التصريحات أو استغرابها، بل في الرد عليها، والرد لا يكون بالتنديد الإنشائي، بل بمراجعة شاملة للخيارات السياسية الفلسطينية، والعودة إلى الثوابت الحقيقية للصراع، والتوقف عن ملاحقة السراب.
في لحظة كهذه، لم يعد هناك مكان للحياد او للوسط الرمادي، فإما نحن أو هم، كما قال سموتريتش، ولكن بشروطنا نحن، لا بشروط الاحتلال.

عن Atlas

شاهد أيضاً

سيف عبد الجليل يكتب : مَسألة الطِّفل الفِلَسطيني: ما ذَنْبُكَ يا صَغيْري؟!

اطلس:يُعتبر الغوص في تجارب الأطفال، في أي مكان أو زمان أو ظرف من الظروف على …