الكاتب: خالد كراجة
تقوم حكومة حماس في قطاع غزة بتنفيذ حملات مختلفة بين الفترة والأخرى، من خلال ما يسمى بحملة الفضيلة "حملة التدخل في خصوصيات الناس" ، ومن تلك الحملات حملة قص الشعر ، والتي يقوم أفراد الشرطة من خلالها بملاحقة الشباب لطول شعرهم أو لعدم التزامهم بقصة حماس لدرجة انه تحولت مراكز الشرطة في غزة إلى صالونات للحلاقة، وحملة منع النساء من النارجيلة التي تعتبرها حماس رجس من عمل الشيطان لا بد من محاربته ومنع الناس من التعاطي معه ، بالإضافة إلى حملة فصل الذكور عن الإناث في المدارس ، وألان تطل علينا تلك الحكومة بحملة أخرى تتعلق بإثبات صلة القرابة بين أي رجل يتجول مع امرأة للتأكد أن كانت تلك المرأة زوجته أو شقيقته أو خطيبته ، ولكن ستواجه حماس معضلة في هذا المجال وهي الطريقة التي ستتعامل معها بما يتعلق بالمنقبات " هل سيقومون بالكشف عن وجهها للتأكد من صورتها؟ أم أنهم سيفتون بعدم شرعية النقاب؟ وهل ستعمل على فصل النساء عن الرجال في المواصلات العامة؟ وهل ستمنع المرأة من ركوب سيارة أجرة بمفردها ؟ والنتيجة منع المرأة من الخروج من بيتها إطلاقا إلا بمحرم.
إن التقدم غير المسبوق في المجال العلمي والتكنولوجي وعلم الاتصالات فرض نفسه على المجتمعات بمختلف مشاربها الثقافية والدينية وخلق مفاهيم جديدة وطور كثيرا على المفاهيم القديمة بحيث أصبحت دلالات المفاهيم تختلف من عصر إلى آخر ومن بلد إلى آخر فما كان يعتبر فضيلة وأخلاق في زمن ما أصبح غير أخلاقي في زمن آخر ، وما كان يعتبر غير أخلاقي في زمن ما أصبح أخلاقي في زمن آخر ، وما يعتبره الناس أخلاقي في بلد ما قد يعتبره الناس غير أخلاقي في بلد آخر.
هذه القضايا الاجتماعية التي تحاول حركة حماس السيطرة عليها وتوجيهها بما تراه يناسب وعيها الفكري والايدولوجي ، والذي لا يتناسب مع العصر الذي تعيش فيه ، فهي تحاول أن تحاكم الحاضر وتحكمه بأدوات وفكر الماضي .
عندما نتحدث عن الفضيلة يجب أن ندرك ثلاث أمور أساسية في هذا المجال، الأمر الأول وهو فهم الفضيلة وربطها ببعدي الزمان والمكان والبيئة المحيطة فلا يجوز فهم الفضيلة بالطريقة التي فهمها أسلافنا في الماضي، فالماضي له ظروفه وبيئته وأبعاده الزمنية والمكانية.
الأمر الثاني وهو تقييم الفضيلة يجب أن يكون بمقدار قبول المجتمع لها وتعاطيه معها وليس بفرضها، بالإضافة إلى مقدار مساهمتها في تقدم المجتمع ورقيه.
الأمر الثالث وهو مدى جوهرية القضايا التي يتم العمل عليها وهل هي فعلا تعبر عن احتياج حقيقي للمجتمع أم أنها مجرد قشور تستخدم كنوع من محاولة إثبات الذات وبسط السيطرة على المجتمع وتطويعه بما يخدم مصالحها السياسية التي لها علاقة بترسيخ وتجذير الانقسام وخلق فرق ثقافي فكري اجتماعي بين شقي الوطن الضفة الغربية وقطاع غزة لكي يصبح عدم الوحدة مطلب جماهيري للتباين الثقافي والاجتماعي بينهما.
إن اهتمامات حركة حماس التي تظهر من خلال حملاتها المتكررة للتدخل في الشؤون الخاصة للمواطنين تعبر عن عقدة نقص تعاني منها حماس تحاول تعويضها من خلال الهيمنة والتحكم في الشؤون الخاصة للأفراد، بالإضافة إلى فقدانها للبرامج والخطط والرؤية السليمة التي تساهم وتساعد في تقدم المجتمع وتطور أفراده ، فلم نسمع أن حماس قامت بحملة لها علاقة بمحاربة الفقر أو الأمية ، أو خلق فرص عمل ، أو تطوير الجامعات والمدارس ، أو بناء مبحث علمي .