اطلس:اتقنت حماس فن البقاء، وافلت فتح من التصفية مرات ومرات، شعبنا دوما حضن المقاومة، ورفض الانفضاض عن قياداته وفصائله الوطنية
هذه المره فتح على ابواب تصفية سياسية وجماهيريه وماليه، ان نجحت امريكا وفرضت تشكيل الحكومة التي تريد، واستمرت فتح في خسارة مواقع قوتها في المخيمات، وما جرى في مخيم جنين بالامس وبغض النظر عن الاسباب ان كانت محقة او غير محقة ، فاذا بالشباب ينضمون للجهاد الاسلامي وحماس، لتصبح المخيمات مقرا ومستقرا لحماس والجهاد الاسلامي.
تتقادم فتح بسبب ما جرى مع قياداتها وما يجري مع عناصرها ممن دفعوا فاتورة العمل تحت لوائها، ومنهم ما زال في المعتقلات ومنهم ما زال صوتا يقف ندا لكل محاولات الاقصاء. فتح تتقادم لان الدماء فيها تتجدد بقرار لا بارادة تدافع الاجيال، فتح تتقادم لانها اجبرت على الاستعانة بشخصيات ليس لها علاقة بالوطن وان كانت فلسطينية الاسم والمنبت لكنها ذات جنسيات متعددة، فتح تتقادم لان جيوش الاسرى والمناضلين اما تم تحويلهم لموظفين يسعون وراء ارزاقهم وهذا حقهم وليس منه من احد، او تم اقصائهم او انهم انشأوا تيارا يناوش القيادة الحالية، واخرين اعتقدوا ان ساعة الحقيقة برزت بالاعلان عن الانتخابات فكشفوا عن احلامهم السياسية فلم يجدوا من يحملهم، فتجد منهم مع مروان البرغوثي او دحلان او ناصر القدوة، او مع المتقاعدين الغاضبين او الاسرى المحررين الذين ما انفكوا يقولون ان لهم صوتا ذات ايقاع اخر، او من ابناء المخيمات الذين يعتبرون انهم مستهدفون!
فتح تشظت في الخارج ولم يبقى منها الا اسماء كبيرة مثل امناء اقاليم لبنان والنرويج والسويد وسوريا اما عناصر فتح في الخارج فلقد نزعوا تاريخهم جانبا ونأوا بالنفس عن فتح والسلطة وغيرها،ففتحت الطريق امام حركة حماس لتحتل وتتقدم العمل الوطني والسياسي والاجتماعي والامني وما قرار بريطانيا بحظر حركة حماس الا لمعرفة معلوماتية اكيدة عن حجم نشاط الحركة في اوروبا، ومحاولة لوقف هذا الامتداد والتعاطف.
لا ينفض عنا يوم والا نسمع بقصة صراع هنا او هناك، الاخبار والفضائح تتركز جميعها في الضفة، وكأن غزة ليس بها فضائح او قصص فساد او سوء ادارة، الكل ينهش الكل، وما ننفك نسمع ونرى قصة هنا او هناك، واغلبها قصص تتعلق بالموارد المالية والتعيينات وسوء الادارة والمحسوبيات فلا احد يتطرق للثبات على الموقف السياسي ، وما بين الثبات على الموقف السياسي والتنسيق الامني يقف الغالبية مشدوها غير مدرك لعملية الجمع الجدلي بينهما ، وما بين دعوة اسرائيل لدعم السلطة ماليا ومنعها من الانهيار وبين اقتطاع اسرائيل اموال المقاصة من السلطة نقف على سلسلة اخرى من الجدليات التي ليس لها بداية ونهايتها فقدان الثقة بفتح التي تحولت الى سلطة، وما نالها من السلطة الا كل ما يسئ لها.
ولو دققنا النظر لرأينا ان من يؤثر على رأس الحركة هم ليسوا فتحاويين ، فكيف ان تعلق الامر بمن يؤيد مروان ودحلان وناصر القدوة وغيرهم.
فتح تتأكل وتتقادم لانها تركت اللاحقين من اجيالها بلا مأي تنظيمي او خيار فاصابها الانقطاع بين الاجيال ، فاختلط على الناس فتح والسلطة والرئاسة ورئاسة الحكومة والوزرات وغيرها، فاصبح حتى ابناء فتح يكاد تاثيرهم يكون معدوما امام من تنفذ لدى الرئيس من غير الفتحاويين، فاصبح صوت احد المتنفذين اهم من قرارات اللجنة المركزية ونفوذ اخر اشد تاثيرا من قرارات رئيس الحكومة الفتحاوي. اما القدس فهي على هامش المناورات الكلامية ففتح غائبة بقوة عن المشهد هناك، وحضورها لا يكون الا في حالات نادرة ومؤلمة!
يدرك الرئيس ومن حوله ان المطلب الامريكي باستبدال الحكومة هو بمثابة اعلان شهادة وفاة للحركة وتاريخها وواد لفكرة الحفاظ على منظمة التحرير، فابدى الرئيس الاستعداد كله ان يدافع عن وجوده ووجود من حوله والحركة باي ثمن حتى وان وافق ضمنا او تصريحا على وقف دفع مخصصات للاسرى، على الرغم ان هذا الملف باغلبه تم اغلاقه وتم تفريغ كافة الاسرى المحررين على الوزارات والمؤسسات، ولم يعد لهذا الملف أي وجود من الناحية الفعلية وان بقيه ملفا عالقا سياسيا واعلاميا.
لذا نرى رئيس الحكومة يبذل كل جهد مستطاع للحفاظ على الموارد بحدها الادنى وقد يدفع الموظفين وكما هو الحال في كل ازمة الثمن من رواتبهم، لذا ان نجحوا في تسليم الحكومة لشخصية مستقلة، فانها ايذان بميلاد مرحلة الانعاش الاقتصادي!!!، ووفاة لفتح.
بالمقابل حماس استطاعت ان تبني جيشا وخاضت المواجهة الاخيرة مع الاحتلال بكل اقتدار، وارست نظاما متكاملا في غزة فلا فلتان امني هناك، اعادت حماس تشكيل المفهوم وتجاوزت صعوبات الازمات المالية.
ما يثقل كاهل حماس هو الادارة الجزئية للقطاع على الرغم ان مسئولياتها عن الادارة الحقيقية لا تتجاوز 20% من مصاريف القطاع، فمن يدفع رواتب الموظفين في غزة هي السلطة ومن يدفع للحالات الاجتماعية هي السلطة ومن يدفع بدل الكهرباء وينشأ محطات التحلية للمياه هي السلطة وحتى الضرائب التي تجبيها السلطة من غزة يذهب بعضها هباء الى جيب اسرائيل ، حماس لديها الثمن المتوقع لتحرير الاسرى في الوقت التي تعجز فيه السلطة عن حل ملف اسير اداري مضرب عن الطعام !
باختصار فتح وحماس يسعيان للحفاظ على وجودهما ويدركان ان لا امل سياسي في الافق، وشعبنا يدفع الثمن، فان نجحت حماس بعقد صفقة الهدنة وتبادل الاسرى تعتقد انها تكون قد اسست لحرية القطاع واطلقت يدها في البناء للمواجهة القادمة وللحصول على التمثيل الذي لا بد ان ياتي لها، بعد انهيار حركة فتح وتسليمها الراية للشخصية التي ترغب امريكا ان يكون رئيسا للحكومة.
ان وصول شخصية مستقلة بيدها صلاحيات مالية وامنية يعني انها ستملك ادارة الحياة بروح جديدة، فان كان الرئيس يعلن انه ليس له سلطة على البنوك العاملة في فلسطين، وهو في اوج سيطرته! فماذا سيكون حال حركة فتح ان سيطر على الحكومة شخصية ليس لها علاقة بفتح، وتملك مفاتيح المال والخارجية والامن الداخلي!
اترون لماذا فتح تتقادم وحماس تتقدم، الحقيقة ان اسرائيل وامريكا لا تريد لا فتح ولا حماس، ولا تريد لنا ان نكون شعبا، بل شظايا مجموعات بشرية تتصارع، فاسرائيل على خلاف ما نعتقد لا تريد مجتمع عشائري ولا عائلي ولا أي روابط مهما كان نوعها، اسرائيل تريد ان تهدم العائلية والعشائرية كما هدمت التنظيمات وكما دفعت بالسلطة كي تكون اضعف من ضعيفة ووضعت غزة وحماس تحت حصار قاسي، وما يحصل في الخليل من تدمير وحرق وقتل ما هو الا تعبير عن كل ذلك ،اسرائيل تريد ان تبقينا في حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والاحساس الدائم بفقدان الامن الشخصي والجماعي، وان يكون القتل لبعضنا البعض سمة يومية والنهب والفوضى والقضايا الاجتماعية تقض مضاجعنا وتشغلنا عن قضايانا الوطنية، لا تريد لنا حتى هوية مهما قل وصفها.تريد غزة معزولة والمحافظات مفككة والجامعات مدمرة والمخيمات ملوثة باسباب الاختلاف والصدام الداخلي، والعائلية والعشائر يتحكم بها المنحرفين لا الشخصيات الوازنة، تريد وطن بلا فتح ولا حماس ولا الجهاد الاسلامي ولا الجبهة الشعبية، تريدنا بلا مؤسسات مجتمع مدني وتقوض كل الحراكات الاجتماعية او الاقتصادية، وتسعى لربط رجال الاعمال ومصالحهم بها،لا تريد عنوانا لفلسطين تريدنا ان نحطم بعضنا البعض ونعتدي على بعضنا البعض مكشوفين للدماء جاهزين للصدام، رعب مستمر ومستعر في كل زاوية ولحظة، فوضى قد تصلنا وبالفعل وصلتنا جميعا، لذا قلنا ان حماس تتقدم في تنظيمها وقوتها العسكرية وتملئ الفراغ في المخيمات وفي كل مكان تفشل بها فتح ، وفتح تتقادم بسبب ممارسات جميعا يعلم انها لا ترقى الى الحد الادنى من روح المسؤلية وللاسف شعبنا من يدفع الثمن، فهل من ثمن اكبر مما ندفعه الان، وصدق من قال من لا يتقدم يتقادم.