لكن اللافت ان هنالك وتحت وطأة الكراهية الموشحة بحرية التعبير من لم يكترث لتلك الرسائل، فزاوية النظر لديه للأحداث غدت معكوسه ولم تعد تعنيه الكلمات التي ما بين السطور، فثمة تقصُداً وإمعاناً في استفزاز الآخرين، حتى بات المسلمون في الغرب في مرمى القوانين الزجرية وخطاب الكراهية من كل الاتجاهات وعنصرية مريبة في ظل من يجيد استغلالها بحرفية واتقان.
فعلى ما يبدو لم تستطع تلك الدول ان تتخطى شبح العنصرية التي تعود اصولها الى عقود طويلة، فثمة أوجه كثيره لنشأتها وجذورها لتختبر كل فصولها خلال السنوات الاربع الماضية، حيث ادارة الرئيس ترامب لتتنامى في ظله ظواهرها فما بين المصلحة والانتهازية تُدار معظم القضايا الجدلية في العالم اليوم لأهداف سياسية، وكمؤشر خطير الى عودة العصور البربرية وفق هوى مهندس لها بعود ثقاب لإشعال حرائق اهلية معروفة البدايات والنهايات تعرفها الشعوب جيداً ذاقت ويلاتها، لم تتحمل على الارجح نشوبها فتراهم يمنون النفس بإخفاقها.
هي مواجهة تتشكل وانقسامات تتبلور باتت تتأرجح بين انفراج وتأزم على وقع الرسوم المسيئة للنبي محمد عليه السلام واتهامات للمسلمين بالعزلية والارهاب، مستقوية بتأييدها من قبل اوساط حكوميه لتفجرها تصريحات مسؤوله كل ما يخرج منها مدروس، كأداة لحشد الاصوات والمضاربة بها في اسواق الانتخابات، لم تخفيها وطأة الدعوات لحوار الاديان التي شملتها برعايتها، واضعة مصير ملايين المسلمين في عين العاصفة ومهب الريح بما يخدم مآربها ضابطة مصالحها الشخصية على ايقاعها، فللوهلة الاولى تبدو دول الغرب ساحرة بسمائها وهوائها حاملة مفاتيح الديمقراطية والسلام، هي للعدالة صوت ناقل ولآلام الشعوب فارساً ابيضاً موعود، فكن حذراً فلعل المظاهر قد تخدعك احيانا ..! فوحدها الممارسات على الارض لها الاجوبة لتصبح المصداقية ازمتها الحقيقية تلتف حول عنقها تكاد تقضي على كل مُنادي بالحرية والاعتدال، فماذا سيؤهلها للنجاح وقد اخفقت في أبسط امتحان...؟؟
"فالاسلاموفوبيا" و "الارهاب الاسلاموي "مصطلحان يحضران أينما حضر التطرف والارهاب، فحيثما حل المسلم وارتحل ترافقه تهم التطرف والارهاب، تدور في فلكه ليعيش ازمتها حيثما كان، ليجاريها بعض القاده راكبين موجة هذا الخطاب في تجاوز معلن للمحرمات كمحاولة لدق الاسفين والتركيز على التناقضات، متجاوزين عتبة التحريض الى العداء كوسيلة داعمة لهم للبقاء ضمن المشهد السياسي الذي بات يأخذ منحنى اقصى اليمين المتطرف، سيد الساحات اليوم بأطروحاته الايديولوجيه ذات الشعارات القومية والعرقية والدينية حيث تتصاعد معها الخطابات المتطرفة، وما تشكله من ترجمة لتجرع الفكر العلماني المتشدد وما يؤول اليه في سبيل القاء تبعيات ازماتهم الداخلية على الطرف الاضعف، ومن هو اضعف من اللاجئين وقد ضاقت بهم اوطانهم، وحرموا من ثرى اوطانهم، فكان الغرب وجهتهم طلباً للحماية والامان وللقمة العيش، لم يكن ليحظوا بها في بلادهم فكان لكل منهم نصيب من الانتهاكات، ضابطين حياتهم على ايقاعها وقد باتوا في محطات عديده هدفاً لإلصاقهم بتهم شتّى كان اشدها ايلاماً تهمة الارهاب، فوقعها عليهم كان اقوى من الطلقات، فالمتحرك منهم والساكن كلاهما مستهدفان.
ولعل ما استوقفني هنا ان الغالبية تناست الجانب المظلم من الصورة، حيث يصعب اخفاؤها تماماً في ظل عالم رهيب تسوده العنصرية العمياء باتت عنوان اللحظة الحرجة من مسيرة البشرية جمعاء، ليشي بها الكلام الواضح والتصريحات لتكشف عن ازمة خلفها ازمات وانحدار خطير في منظومة القيم العالمية وقد افترقت السياسة عن المبادئ عند مفترق الطريق فخلى ضميره من اية بوصله اخلاقيه تحدد وجهته فضل السبيل ....! فجائحة كورونا لم تكشف عن نقصاً في اجهزة التنفس والامكانيات الصحية فحسب بل نقصاً حاداً في المبادئ الانسانية والاخلاقيه عندما منعت مصادرة الاراء العنصريه ولجم الافواه، مستخرجة من الغرب انانيه وآثره ونفاق بدت حاضرة في الخطوط الامامية، لتعري بلا مجال للشك خطابات الحق والتسامح والاخاء وكيف لا، وهم من صاغ شعارالانانية في ظل الجائحة " دعه يحيى او دعه يموت ان لم يستطع العيش " وهل يستقيم ويستوي من يبرر المساس بديانات الاخرين ورموزها بأنه امراً مشروعاً ويستنكر من يدافع عنها بل يهاجمونه ....!
فما الذي استوجب اذا هذه اللغة العدائية ضد الاسلام والمسلمين والتي قد لا يسكت على مثلها أتباع اي دين، بعد ان التمَّ شمل الجميع عليهم، مستغلين قوانينهم الوضعية للعبث بمشاعرملياريّ مسلم ، الغالبية العظمى منهم يمثلون جيلاً قديماً ساهم ببناء بلدانهم، و تجنسوا بجنسياتهم، ولطالما نظروا الى دياناتهم بإكبار وتقدير، الا ان القارئ للتاريخ يدرك تماماً ان التطرف الديني والعرقي لم يكن باللهجة الجديدة على هؤلاء، فحاضرهم لا يقل سوءاً عن ماضيهم، وكيف لا والتاريخ ذاكرة الامم برواسبه وشوائبه، فلطالما كان لهم دوراً بارزاً في صناعة المجموعات الارهابية، لخدمة اجنداتها في المنطقه ومنهج اختطّته لتشويه الاخرين، و لكن الجديد بمن ينوب عنهم من رفاق النفاق ممن يضرب بسيف الآخرين قابعاً تحت الشروط والاملاءات ظناً منها ان بإلتحاقها بمعسكر امريكا و الغرب سيعلو من شأنها ويكرِّس من شرعيتها، فالاحتلال قد لا يكون دائماً اجنبياً وقد بتنا نشهد بيع البيت العربي بالقطعه لصالح المشروع الصهيوني، فمصيبتنا الكبرى ليست في ظلم الاشرار وانما في خيانة الاخيار ..!
فأزمة العرب والمسلمين لم تكن اصلا لتكون لولا حال الدول المعطلة الاراده والمأزومة داخلياً، انهكتها الحروب والنزاعات الطائفية و انقسامات لم يعد فيها للوحدة مكان، لتنال ما نالته من لحمتها ورصانتها ساهمت بشطبها من المحاضر الدولية كشطب الوجود ذاته عن الوجود، فكفى بذلك مبرراً للحديث بإسهاب عن حجم الضعف الذي حولنا لكرة تتقاذفها الحسابات وقد بدت عاجزة عن الاتحاد في تكتل يحمل معه مشروعاً من شأنه ان يحولها رقماً صعباً في المنطقه، فلا تعاونها تعاون ولا جامعتها جامعة، لتنطوي على زعم لم تصدقه افعالها يوما بأنها تضم الامة الشاهده على الامم والاكثر خيرية بينها "وكيف لا ونبيها سيد الخلق محمد خاتم الانبياء والمرسلين " لتزداد انكفاء على ذاتها زارعة في نفوس شعوبها شعور الخيبة والاحباط لتتآكل هيبتها امام الخصوم قبل الحلفاء.
فمن تلك الخاصرة الرخوه استقوى الغرب علينا وتجرأ ... وكيف له ان لا ينفش ريشه امام خصم مستسلم وانظمة ترزح تحت وطأة الصمت المطبق ازاء الاساءات و الهجمات على النبي الاعظم، وقد أوكلت الرد للمؤسسات الدينية لسان حالها يقول "للبيت رب يحميه " وقد كان من الاحرى بها ان تباشر هي بقطع ألسنة المغرضين الذين يحاولون الانتقاص من قدرهم وقدر نبيهم الكريم بالرسوم الدنيئه والاستهتار بعقائد الاخرين، لنطرح سؤالاً استوجب الرد .... اين نحن من القيادة التي تفرض بإرادتها الصلبة الشروط في وقت كثرت معها الازمات وبحرب مسعورة تم التحضير لها باقحام الديانات في حروب الاقاليم والاقليات...؟؟
فهل سيتقدم العالم الى ما بعد الفين وعشرون،، ام سنعود للخلف بزلة لسان رئيس كشف عن مستور، بعيداً كل البعد عن التأوييل بأن الحرب على الاسلام امتداداً لحرب صليبية بامتياز لتختصر الصوره بين حاضر معلن وغائب مبطن لتضفي على النزاع شكلاً ومضموناً الى مستوى هو ابعد من المعنى العام للكلام .....!؟