أما الأمر الآخر؛ غياب ثقافة اكتشاف الشغف في المنظومة التربوية والتعليمية لدى الأسرة، وفي المدرسة، والجامعة، وبكل غياب الإبداع والريادة عن سوق العمل التقليدي الفلسطيني، مما أدى لاقتصاد ضعيف. لذلك، لا نسمع كثيراً عن مشاريع استمرت أكثر من ٢-٣ سنوات، كون أصحابها لم يكتشفوا شغفهم الحقيقي بعد، ولم يطوروا رؤيا مستقبلية لحياتهم، وبالتالي لن يتمكنوا من تشكيل وبناء الدائرة الذهبية في ريادة الأعمال: لماذا، ماذا، كيفك المتمثلة بمشاريعهم وأفكارهم.
إذن، أقدم لكم ٧ خطوات لاكتشاف الشغف وتحويله إلى مشاريع ربحية تخدمكم، وتحقق أثراً مجتمعياً إيجابياً على حياة الناس:
1- إبدأ من الماضي وحلل ذكريات طفولتك:
الشغف هو ماضيك، وبلغة البزنيس هو الإجابة على سؤال (لماذا). إنه يعيش في ذكريات طفولتك التي تشكلت من إرثك الاجتماعي وبيئتك، ومن صفاتك الوراثية الجسمانية. سافر إلى الماضي بكل جرأة، وهناك سوف تكتشف ذاتك وسحرك الخاص الذي سوف يميزك عن أي كائن بشري آخر على وجه الكرة الأرضية.
2- استخدام الإيحاء الذاتي الإيجابي:
الرؤيا هي المستقبل. إنها الحلم الذي تريد تحقيقه، وقد تمتد على امتداد سنوات حياتك كلها حتى الممات. وهنا يأتي أهمية الإيحاء الذاتي الإيجابي الذي يعتبر الجسر الرابط بين الشغف وبين الرؤيا، أي بين ماضيك ومستقبلك. بالإيحاء الذاتي يمكنك تخيل أي شيء تريد تحقيقه، وزرعه في عقلك الباطن، بشرط: ١- أن يكون ما تحلم به واضحاً وضوح الشمس، ٢- أن تؤمن إيماناً حقيقياً وتتخيل أنه قد تحقق فعلاً، ٣-وأن تثابر وتجتهد لتحقيقه بكل الوسائل الممكنة الأخلاقية، ثم اترك كيمياء العقل تعمل "شغلها".
3- قوة الفكرة:
لا يوجد لدي تفسير علمي لهذا، إلا أن علماء النفس أثبتوا مبدأ زراعة فكرة ما نابعة من الشغف في عقل إنسان، ومن ثم تعزيزها بالمهارات الحياتية والمهنية الازمة، مع خطة عمل واضحة، فإنها تحقق أي شيء يطلبه صاحب تلك الفكرة من الطبيعة البشرية. تماماً مثل قوة الدعاء صباحاً عندما يكون ذهنك صافي، وتتوجه لله سائلاً عن تحقيق أمر ما. بعد فترة تجده قد تحقق، بشرط أن تسعى لتحقيقه بالعمل والمثابرة وقوة إيمانك بتحقيقه، والأهم أن تتأكد أن معك مرشد ذكي ينصحك، وحياتك خالية من السلبيين المحبطين.
4- سر النجاح بالتواضع والعقل المنفتح:
هناك خلط ما بين ثقة الإنسان بفكرته وقدراته، وما بين تواضعه أمام العمل. أثناء سنوات عملي تعرفت على مئات الشباب، ووجدت لدى البعض منهم وهماً خطيراً بأنهم يمتلكون مهارات خارقة، وفي الحقيقة هذا غير حقيقي. كانوا ضعفاء الخبرة والتجربة، والأخطر رفضهم للتعلم والاصغاء بمرونة للملاحظات التطويرية. لذلك، ولتحوّل الشغف إلى حقيقة، وتحقق كل ما تلحم به، يجب أن يرافق كل ذلك تطوير مهاراتك وخبراتك بشكل يومي. تعلم لغات، تعلم علوم جديدة، والأهم تطبيق وتجربة كل ما هو نظري. وإلا فإنك لن تحقق أي تقدم وتميز ونجاح أو أثر. السر هو بأن تتعلم كل شيء عن فكرتك ومشروعك وببيئة علمك ومجتمعك.
5- الفرص التاريخية تعيش في الفشل:
الناس بالعاد تكره المشاكل، وهذا طبيعي. لكن هل تعلم أن المشاكل هي فرصة. شخصياً أعتبر الفشل أفضل مصدر إلهام. ففيه تعيش فرص النجاح والثراء والخير. فقط يحتاج لقدرة ذهنية على تحويل تلك المشاكل لحلول وأفكار ومشاريع. إنه التفكير الإيجابي.
6- الكمال سر الخسارة:
هناك نوعية أشخاص يبحثون عن الكمال في كل شيء. ومن المستحيل أن يخوضوا تجربة عمل ما دون شعورهم بالسيطرة على كل صغيرة وكبيرة. إبدأ وتعلم من تجاربك ثم حول الفشل إلى نجاح مستمر. بكل تأكيد هذه ليست دعوة للبدء بدون قيامك بكل ما يلزم من تحضير وتخطيط واستعداد، لكن إبدأ ولا تنتظر خسارة سنوات عمرك بالمماطلة. فهناك شخص آخر يفكر مثلك تماماً وسوف يبدأ. لكن تذكر أن لكل إنسان شغفه الخاص وتميزه.
7- لا تفكر في نفسك فقط:
إنه سر عجيب غريب. عندما تفكر فقط بالربح لأجل الربح، فإنك سوف تحققه بكل تأكيد. لكن وفجأة سوف تكتشف أن ذاتك خالية من القناعة والرضا، وسرعان ما سوف تفقد حماسك وأرباحك، وتصبح وحيداً في غرف عقلك المظلمة. والسبب أنك لم تفكر إلا في خلاصك الفردي. لذلك، سوف تحقق نجاحاً هائلاً، وسوف تحصل على كل ما تريد عندما تؤسس لفكرة مشروع تخدمك مالياً، وفي ذات الوقت تنشر أثرك الإيجابي على كل من هم حولك وعلى مجتمعك وبلدك. إنه الاقتصاد الاجتماعي وريادة الأعمال المجتمعية. وهنا أتحدث عن تجارب حقيقية. ما عليك إلا المثابرة والعمل وحماية شغفك، وبعدها سوف تزدهر مالياً ونفسياً وشعبياً. أنت تنجح، وبلدك ينجح، ومجتمعك يستفيد.