وعدا عن الدور التي لعبته الأراضي في تعزيز صمود المواطن الفلسطيني في وجهة الإحتلال ، فإن المجتمع الفلسطيني سيواجه تراجع للوراء بمستوى التغيرات الاقتصادية الاجتماعية اذا ما اعتبرنا ان الفلاح الفلسطيني الذي كان يملك الارض ويعمل فيها عبر الزمن سيتم العمل في الارض دون ملكيتها وهو ما يعرف بعصر الاقطاع حسب التفسير الماركسيى.
وهنا لا بد من الاشارة ما قام به الرئيس المصري جمال عبد الناصر في عملية الاصلاح الزراعي في أخذ الأراضي من العائلات الاقطاعية وتوزيعها على الفلاحين والتي كانت بمثابة انجاز كبير وتقدم خدم التطور الحاصل في تلك الفترة.
ربما نحن في المجتمع الفلسطيني حصل لنا هذا الانجاز الذي قام به جمال عبد الناصر لكن بشكل غير مقصود فقد امتلك الفلاحين الأراضي المسمية الاراضي الاميرية التي كانت ملكا للدولة العثمانية التي لربما تم تمليكها لان هذه الأراضي كانت للخليفة وفي انهيار الدولة العثمانية دون ان تكون سلطة على عكس مصر التي انتقلت فيها السلطة بأراضيها الى المملكة المصرية في تلك الفترة.
وهنا حصل ما عمل عليه جمال عبد الناصر في توزيع الأراضي على الفلاحين والذي لا شك انه ساهم في تعزيز صمود المواطن في أرضه خاصة ان هذه الاراضي مصدر للرزق وتسمى عند مالكيها بذلك ( ارِزِق، او الرِزقات ) وعليه فإن هناك آثار مباشرة في استحواذ رأس المال الفلسطيني على هذه الأراضي يتمحور فيما يلي
اولا :_ كما اشرنا فان ما يحصل سيكون له أثر على الفلاح نفسه بعودة الإقطاع وهنا قد لا يكون الإقطاع بما هو متعارف عليه بشكل التقليدي لكن من حيث الملكية والمفهوم اقول لان الإقطاع الجديد قد لا يعمل في الزراعة وإذا عمل لا يعمل مبدأ ان العمل يحتاج الى أيدي عاملة وهذا سوف ينتج امرين؛ اما ان يعمل في الارض التي لا يملكها وليس شرطا في الزراعة وإذا عمل فإن قطعة الأرض التي كانت بحاجة الى ٢٠ عامل مثلا لا تحتاج الى عامل واحد مما سينتج بطالة عالية فيتأثر الصمود الذي اكتسب من خلال الأراضي المملوكة لغيره بعد ان كانت ملكيتها تعود له.
ثانيا :_ استنادًا الى النقطة الاولى فان هناك تمييز طبقي كبير بين ابناء الشعب الفلسطيني ففي هذه الحالة سينتج نظام رأسمالي متوحش خليط ما بين النظام الرأسمالي والإقطاع تتركز فية الثروة في يد الطبقة الغنية بينما ستكون الأغلبية خارج نطاق القوة العاملة الفلسطينية مما يرتفع فيه البطالة بشكل غير مسبوق تنعدم فيه طبقة الوسط التي سادت في المجتمع الفلسطيني وهذا يزيد الأغنياء غنى والفقراء فقرا.
ثالثا :_ سيدفع هذا النظام الخليط بين المجتمع الرأسمالي والاقطاعي اغلب المجتمع الفلسطيني الى الهجرة مما سيكون له اثر بالغ على المستوى السياسي التي يصب في صالح أهداف وبرامج وسياسات العدو الصهيوني اذ ان الهجرة هي إحدى الوسائل التي قامت بها الحركة الصهيونية من اجل السيطرة واحتلال فلسطين بشكل قصري اما ما يحدث نتيجة البطالة والفقر والتي اشرنا اليها سابقا.
فان الهجرة ستكون طوعية بما يعني تقديم خدمة مجانية امام العدو الصهيوني سيكون عامل تخلخل الديموغرافيا الفلسطينية التي كانت وما زالت العامل المهم في حسم الصراع في المستقبل انطلاقا من ذلك فإن المطلوب من جميع الشخصيات الوطنية والأحزاب السياسية والسلطة والمجتمع المدني ان ينتبهوا لما هو حاصل الذي كما وضحنا سيكون له أثر على تركيبة المجتمع الفلسطيني مما سيؤثر على نضاله وصموده في المستقبل ويمكن الاحتلال من السيطرة والاستحواذ على الأراضي الفلسطينية