اطلس: الانتفاضة الفلسطينية التي انطلقت في مثل هذا اليوم عام 1987، كنت اعمل في مستشفى الاتحاد بنابلس طبيبا اخصائيا بالتخدير والانعاش، وكان هذا المستشفى
مخصصا لاستقبال وعلاج عشرات الاف الجرحى من كل انحاء شمال الضفة الغربية، واذكر اننا في هذه الاثناء استقبلنا عددا قليلا من الاطباء الاجانب الذين قدموا لفترات محدودة للمساعدة وللتعبير عن تضامنهم مع شعبنا ونضالنا الوطني.
اذكر انني في العام 1990 استضفت في بيتي احد هؤلاء الاطباء الزائرين المتضامنين وكان من ايطاليا، ودار بيننا حديث سياسي حول الوضع الفلسطيني وآفاقه وتوقعاته المستقبلية .. واذكر انه قال لي: "امام نضالاتكم الشجاعة وتضحياتكم الكبيرة وارادتكم القوية فانني متأكد انكم ستنالون حريتكم وستبنون دولتكم وابشرك انها ستكون دولة قوية ومتفوقة عن كل دول العالم الثالث".
سألته عن سبب هذا التوقع الجميل فأجابني: "الغالبية العظمى من دول العالم الثالث تعاني من عبء الديون التي تثقل كاهلها، اما انتم الفلسطينيون فستكون دولتكم بلا ديون وهذه ميزة كبيرة وستمنحكم حرية اضافية".
بعد مرور30 عاما على هذا الكلام والتفاؤل ، اقف اليوم حزينا متألما على اوضاعنا وحالنا .. فلا الاستقلال قد انجز رغم التضحيات الكبيرة ولا الارض تحررت ولا الميزة التي كنا نحظى بها والتي بشَّرني بها الزميل الايطالي قد حافظنا عليها!
السلطة الفلسطينية تقف اليوم عاجزة عن دفع رواتب موظفيها وهي بصدد تخفيضها بقيمة 25%، وميزانية السلطة تعاني من عجز بقيمة 470 مليون دولار، اما قيمة الدَين العام المتراكم على السلطة والمتأخرات فقد فاقت 8 مليارات دولار !!
كل ذلك وارضنا ما زالت محتلة والمساحة التي بحوزتنا تدريجيا تتقلص، والاستيطان البشع يتمدد، وما زال يقبع في سجون الاحتلال نحو(4650) اسيرا: من بينهم 34 اسيرة و160 قاصرا ونحو 500 معتقلا اداريا، ومازال شلال الدم الفلسطيني الزكي ينهمر في الشوارع والساحات وكل مكان.. والحلم ما زال بعيدا
تباً لاوسلو .. تبا للفساد