هذا هو المشهد التي استيقظت عليه سوريا إثر زلزالٍ مدمر بقوة 7.8 درجات أودى بحياة "3042 وإصابة 5635 في تزايدٍ مستمر في عدد الضحايا ، وآخرين نجوا من موتٍ محقق فضاقت بهم الأمكنة وتتشعثُ بهم الطرقات وافترشوا الأرض بحثاً عن مأوى ، ليصبح هذا العالم ضيقاً جداً أمامهم ، وخذلانٌ عربي ، عدداً ضئيل من الدول العربية ودول العالم سارعت في تقديم المساعدات إلى سوريا خمسة أو ستة دول من العدد الاجمالي ل ٢٢ دولة عربية و١٩٥ دولة في العالم ، والبعضُ الآخر من الدول العربية اكتفت بالدعاء لسوريا ولم تقدم المساعدات المادية والإغاثات الإنسانية ليقفوا حائرين وسط خذلانٍ عربي وازدواجية في المعايير تطغى على الكوارث الإنسانية ، فتلك القومية العربية باتت حبراً على ورق لتدور العديد من التساؤلات في أذهانهم " أين هي وحدة الجلدة الواحدة والأمة الخالدة؟ " .
12 عاماً وتستمرُ المأساة الإنسانية للشعب السوري في شتى بقاعِ الأرض وسط صمتٍ دولي يجوبُ الأرجاء ، ويسابقون الزمن من أجل البقاءِ على قيد الحياة وسط أنقاضِ التقهقر وأنقاض الحربِ والظلام ، ونظامٌ سياسي استبدادي وديكتاتوري يهوي به في سراديب الظلام ، وقباء السجون والتعذيب ، ويبيدهُ بقذائف الحقد المدمرة والأسلحة الفتاكة والرصاصاتِ الغادرة .
يفرونَّ من ويلاتُ الحروب لتلتهمهم أمواج البحر ومآسي قصص غرق قوارب اللاجئين السوريين، فقد ترسخ في أذهاننا ذلك اللاجئ السوري الذي ألقى بطفله في عرض البحر ، بعد أن فارق الحياة متأثراً بالعطش والجوع، خلال رحلة هجرة عبر البحر الأبيض المتوسط ، وعاش هذه الحادثة الآليمة نحو 32 مهاجراً نفد منهم الطعام والشراب والوقود ، لم يحتمل 6 ركاب منهم هذه الظروف القاسية وفارقوا الحياة وبقيّ بريقُ الحياة في عيون الناجين , فهي حالة فردية من معاناة آلاف السوريين .
وحكاياتٍ كثيرة تدمي القلوب عن النازحين في مخيمات اللجوء ، نازحُ بلا خيمة ويتيمٌ وأرملة فالمحظوظ منهم من يمتلك خيمة ولو غمرتها مياه المطر وأحاط بهم البردُ من كل صوبٍ وحدب .
لتطارد الإنسان السوري ذاكرة تحمل في طياتها الحزن والمعاناة نظامٌ سياسي يقتلهُ ، وبحرٌ يبتلعهُ ، وأرضٍ يأوي إليها فتهويّ به ، وعنصرية تطارده .... فتنهزمُ آلام الحياة أمامه وتتحول إلى مقبرة موتٍ .