الكاتب: فريد أعمر
يقول مثلنا الشعبي: إن كان الحيل ( القوة) أمام الحيل المهرة تلد كحيل أي حصان أصيل، ويضرب هذا المثل للتعبير عن القوة التي تقف أمام قوة أُخرى فتردعها أو تهزمها.
نحن كعرب نستخدم هذا المثل للتعبير عن قوة الأشخاص أو العائلات المتخاصمين،وبالتأكيد لم نستخدمه في التعبير عن حالنا مع الدول الأُخرى، فرحم الله من عرف قدر نفسه ووقف عندها، لذلك نستخدم مثل أخر لوصف حالنا مع الدول التي تعادينا: الكف لا يلاطم المخرز
( مثقب من حديد) وطبعاً نقصد بالمخرز قوة الآخرين لنجد المبررات لضعفنا أمامهم.
كوريا الشمالية تختلف عن العرب في عدة أُمور ليست في صالحها:
يبلغ عدد سكانها 25 مليون في حين يناهز عدد شعوب الدول العربية 400 مليون.
تبلغ مساحتها 120 ألف كم2 في حين تبلغ مساحة الوطن العربي أكثر من 14 مليون كم2 بعد طرح الأقاليم المقتطعة منه في بلاد الشام وفي الصومال وفي السودان وفي المغرب.
ناتجها المحلي الإجمالي 32 مليار دولار ما يعادل ثروة شخص من أثرياء العرب.
لا تملك النفط أو الغاز في حين أن بعض دول العرب تجلس على بحور من هذه الثروات.
محرومة من أكل التمر والزيتون والمنسف و الكبسة وحتى المجدرة بعكس العرب.
محاطة بأعداء أشداء لا تأخذهم رحمة بالضعفاء ( أمريكا بأساطيلها وقواعدها، كوريا الشمالية، اليابان) في حين عداوة العرب شديدة فيما بينهم.
غير متاح لشعبها أن ينهل من قيم الإسلام العظيم، أو أن يدرس عن سيف خالد، وغير مطلوب منه الاقتداء بعدالة عمر، وربما لم يسمع بابن النفيس وابن حيان والفارابي...ألخ بعكس العرب.
وتتشابه مع الكثيرين من العرب في:
حكم نظام شمولي كحال الدول العربية التي حكمتها أنظمة شمولية باسم الثورة والبناء والحريه.
وفي المجاعات، وإن كان معظم دخلها على قلته يذهب للبناء والإبداع .
وفي العداء مع شقيقتها في الشطر الجنوبي لكوريا كعداء العرب لبعضهم البعض.
تختلف عن العرب بل وعن المحسوبين على الإسلام العظيم مجتمعين في:
ابتداع العمل المنتج ونحن نحطم ما لدينا من مصادر إنتاج.
العيش بنظام، العمل بنظام، السير بنظام وفي الكثير من بلادنا يمارس كل شيء بفوضى وغش.
جامعاتها تخرج علماء، مفكرين، منتجين وجامعاتنا تخرج ( كان الله بعونهم).
بعيده عن جوار العرب لذلك لم تنتقل لها عدوى الانشقاقات والانقلابات والتفجيرات "وتحلف الثائر" على نظام بلاده مع ما تعارف الكل على أنه سر البلاء وألد الأعداء
دول العرب التي تُضرب على وجوهها وتـُطُعن في خاصرتها حتى من دولة صغيرة متخلفة، تشتكي لمن لا يسمع أو ينتصر لها، وأشدها حماسة يقول: نحتفظ بحقنا في الرد على العدوان في الوقت المناسب.
الكثير من أرضنا من فضائنا من مياهنا مستباح وإن كان بعضنا يعزي نفسه ويعطي موافقته على الاستباحة حفاظاً على القرار والسيادة الوطنية!!!أما كوريا الشمالية فكلها شعب، كلها جيش،لكلها مصلحة واحدة، كلها يرفض أن يمر الطير من حدوده إن لم يكن ذلك الطير صديقاً وإن لم يحصل على موافقة مسبقة، لذلك عندما كادت الطائرات الأمريكية من نوع بي 52
( والتي ألغت أكثر من كيان دولة عربية عن الوجود) أن تقترب من حدود كوريا الشمالية، طائرات الدولة التي تتحكم بالعالم، الدولة التي قال عنها السادات وهو حاكم لأكبر دولة عربية بأن 99 % من أوراق حل مشكلة الشرق الأوسط بيدها ( ترك للعرب وكل العالم 1 %) والتي قال عنها مبارك وهو يحكم العزيزة مصر: من لا يخاف من أمريكا لا يخاف من الله، كوريا الشمالية ردت على هذا الاستفزاز بتصويب صواريخها نحو مدن أمريكية وبالتهديد بمحو كوريا الجنوبية حليفة أمريكا إن اقتربوا من حماها!!!!!!!!
أرفض الشيوعية، لا أقبل بالشمولية في الحكم، أكره الحروب وسفك الدماء، أتمنى أن تسود الحكمة والعقل وأن يتم نزع فتيل تلك الأزمة كي لا تراق نقطة دم، وفي نفس القوت أُدهش من رجولة وقوة كوريا الشمالية ومن ضعف.....العرب.