اطلس- قضية الفساد الكبرى في اسرائيل ودورالمواطن في الابلاغ عن الفساد!
وبالاخص ان هذه القضية تأتي فبل الانتخابات، المقرر ان تتم بعد عدة اشهر، وما زالت الصحافة الاسرائيلية تتناول وبعمق وبتفصيل كيف تم نقل مئات الالاف من الاموال العامة وبطرق غير قانونية، وهذه ليست القضية الاولى،و ربما لن تكون قضية الفساد الاخيرة في اسرائيل، وبالاخص على المستوى السياسي والحزبي والعام، ولكن هذه القضية تظهر كيف ان الاجهزة المختصة بمكافحة مثل هكذا قضايا، كانت تراقب وتتابع وتتحرى وتتواصل، حتى حانت لحظة الاعلان عن ذلك، ومن ثم البدء بالاعتقال والمحاسبة، وذلك تم ويتم بشكل علني، وبدون تحيز سياسي او اعلامي او حزبي، وحسب ما يتضح من المعلومات المنشورة، فأن بعض المواطنين او الاشخاص الذين سوف يكونوا شهودا في هذه القضية، هم الذين لعبوا دورا هاما في الكشف عن الفساد، وهذا يدلل على اهمية المواطن في الابلاغ عن الفساد؟
وقبل فترة في بلادنا، كان الفضل لاكتشاف ومن ثم اتلاف كمية كبيرة من الاغذية الفاسدة، لوعي ويقظة احد المواطنين، ولو لم يتم ذلك لوصلت هذه الكمية الى افواة ومن ثم الى بطون المستهلك، وما لذلك من تداعيات، وقبل ذلك قام احد المواطنين بالابلاغ عن ادوية منتهية الصلاحية والتي كان من الممكن ان تصل الى المرضى ومن ثم تضاعف المرض بدل من الشفاء منة، وهذه امثلة عن اهمية تشجيع المواطن للابلاغ عن الفساد وبأنواعة، وهي بالطبع ليست بديلا لما من المفترض ان تقوم بة الاجهزة الرسمية للحد من الفساد، ولكنة عنصرا مكملا وهاما، بل اساسيا لنجاح حملات مكافحة الفساد وبأنواعة في مجتمعنا.
وكان قد صادف في التاسع من الشهر الجاري ما يعرف ب" اليوم العالمي لمكافحة الفساد"، حيث تم اعتماد هذا اليوم من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة، وذلك من اجل التوعية حول مكافحة الفساد، وكذلك للتذكير بأهمية الاتفاقية الاممية لمكافحة الفساد والتي تم توقيعها في 31 تشرين اول من عام 2003، والفساد متنوع ومتشعب ومتراكم، وحسب تعريف الامم المتحدة، الفساد هو ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية، معقدة تؤثر على جميع البلدان، حيث يقوض الفساد المؤسسات الديمقراطية، ويبطئ التنمية الاقتصادية، ويسهم في الاضطراب الحكومي، ويؤدي الى انتشار الواسطة والمحسوبية على حساب الكفاءة والاستحقاق؟
وكانت دراسة نشرت قبل فترة قد بينت، ان الواسطة والمحسوبية هما من اكثر انواع الفساد تفشيا في مجتمعنا الفلسطيني، وبالاخص في القطاع العام، او حتى في قطاع المجتمع المدني والاهلي، وللعمل على مكافحة هذه الظاهرة، فأن ذلك يتطلب وقتا وعملا وجهدا والاهم، العمل على ترسيخ ثقافة الاقتداء بمن يملك المنصب الاعلى والمسؤولية الاكبر والقدرة الاقوى، ويتطلب بث الوعي، ويتطلب تطبيق القانون وعلى الجميع، وفي العلن، وبالنزاهة والشفافية، وبالتالي ازالة الانطباع عند الناس ان من يتم محاسبتهم او ملاحقتهم او محاكمتهم هم الصغار او الضعفاء او الفقراء، او الذين لا يوجد لهم حماية او دعم؟
وفي بلادنا، يواصل المستهلك متابعة فسادا يقلق الجميع، وهو فساد الاغذية، وعدم صلاحيتها، او عدم سلامتها، وكذلك ارتفاع الاسعار والتلاعب بها، وقد يكون ذلك لاسباب كثيرة، ولاهداف متعددة، ولكنة في المحصلة يسبب الضرر للمستهلك وللمجتمع، سواء من خلال الاضرار الصحية او المادية ، وهذا بحد ذاتة فسادا، والمطلوب تطبيق القانون وبحزم على من يمارس هذا النوع من الفساد، الذي يتلاعب بحياة وبجيوب الناس، ومحاسبة الفاسدين في هذا المجال يعطي الثقة اكثر للمستهلك للاخبار عن الاغذية الفاسدة، وللتواصل بشكل انجع مع الجهات ذات العلاقة.
ولكي تنجح عملية مكافحة الفساد، فأنها يجب ان تركز على الشباب، حيث معروف ان المجتمع الفلسطيني، هو مجتمع شاب، وحسب الاحصائيات الفلسطينية الحديثة، فأن نسبة الاشخاص في فلسطين من الاعمار 15 سنة واقل تبلغ حوالي 40% من السكان، بينما تبلغ نسبة الاشخاص بين اعمار 15الى 29 عاما حوالي 30%، اوهذا يعني ان الاستثمار في هذه النسبة الهائلة من الشباب في بلادنا يعتبر الاستثمار الاهم، وأنة يمكن تصور التأثير الايجابي المتواصل لذلك، في مجالات الاقتصاد والسياسة والتعليم والتربية والقيم والممارسة العادية في الحياة، وهذا يعني ازدياد الوعي بضرورة الابلاغ عن الفساد من قبل جيل الشباب.
وجتى في اكثر المجتمعات تقدما ووعيا وديمقراطية، فأن الفساد كان وسوف يبقى من اهم معيقات التقدم والتنمية والانجاز والابداع، والامثلة على ذلك كثيرة، وبدون شك ان المواطن الفلسطيني وبغض النظر عن مكان تواجدة او عملة هو الاهم في عملة مكافحة الفساد، سواء اكان موظف في القطاع العام اي الحكومة او عامل في القطاع الخاص، او احد موظفي مؤسسات مجتمع مدني واهلي، او حتى ان كان احد المستهلكين لخضار او للحوم او لمعلبات فاسدة او ادوية او مستحضرات او منتجات غير صالحة.