اطلس-رب ضارة نافعة.. هذا ما يمكن أن يقال في شأن الهجمات الإرهابية على الجيش والشرطة المصرية في شمال سيناء ليل الخميس قبل الماضي والتي أدت إلى استشهاد 30 فرداً إضافة إلى عشرات الجرحى
فقد انتفضت مصر بكل قوتها وامتلاكها الحقيقة بأطراف وأدوات وأهداف المرتبطين بهذه الأعمال الإجرامية الإرهابية التي تستهدف مصر دولة وشعباً، وهذا ما يمكن قراءته من التحول في المواجهة والتي يمكن رصدها من خلال:
* أولاً: إعادة بناء آلية المواجهة الأمنية والعسكرية من خلال القيادة العسكرية الموحدة لشرق قناة السويس بمهام تحقيق الأمن والاستقرار في سيناء، إلى جانب مهام التنمية بهذه المنطقة وتخصيص ميزانية مقدرة ب 10 مليارات جنيه لهذه المهمة التي لا تقتصر على استهداف الجماعات الإرهابية فقط بل وتستوعب حاجات أبناء المنطقة العيش في حياة كريمة، وهذه استراتيجية صائبة من شأنها سد حاجة الناس في حياتهم وسد الأبواب أمام من يسترخصون أرواحهم وأرواح غيرهم .
* ثانياً: النهوض الوطني غير المسبوق لمواجهة الإرهاب، وهذا تجلى في الندوة التي أقيمت منذ أيام على مسرح الجلاء بالقاهرة عن مكافحة الإرهاب، حضرها رؤساء الأحزاب، ورؤساء تحرير الصحف، وحشدٌ من الإعلاميين والمثقفين والمفكرين والمهتمين في هذا الشأن، والتقى فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي مع منافسه في الانتخابات الرئاسية حمدين صباحي اللذَينِ تبادلا المشاعر الأخوية، وأظهرا قدراً رفيعاً من التآزر والتلاحم الوطني والمصري إزاء مواجهة هذه القضية، رحب السيسي بصباحي قائلاً: "أنا سعيد جداً بحضورك اليوم ووجودك معنا" فرد عليه حمدين صباحي بجملة ذات دلالة عميقة: "كلنا واحد" ليرسم الاثنان مشهداً من التقدير والاحترام المتبادل ومن المسؤولية المشتركة التي تلتقي فيها السلطة والمعارضة تجاه القضايا التي تهم مصر وأبناءها .
* ثالثاً : انفجار الأسئلة في الشارع المصري عن:
تحول شمال سيناء إلى معقل للجماعات الإرهابية في فترة قياسية وارتدت مسميات عديدة منذ سقوط "الإخوان" من السلطة؟
تزامن العمليات الإرهابية الأخيرة في العريش وزيارة جماعة من "الإخوان" المصريين إلى الولايات المتحدة الأمريكية؟
على أن اللافت في شأن الجرائم الإرهابية في العريش أنها تستبق المؤتمر الاقتصادي الذي تعد له الدولة المصرية بهدف إعادة إطلاق عملية الاستثمار في مجالات التنمية، وهي في مصر ليست عديدة بل واسعة وواعدة ومن شأنها إحداث نقلة في الاقتصاد المصري، وفي توفير فرص العمل وبخاصة للشباب.. والمثير للانتباه أن هذه الجرائم الإرهابية لم يكتف أصحابها بأضرارها المباشرة من الضحايا والدمار وحتى الأضرار الأمنية بل ارتبطت بحملات من التهديد والوعيد للأوساط والأطراف المهتمة في شأن الاستثمار في مصر... فلمصلحة من هذا؟ لذا يمكن القول إن الضالعين بالأعمال هم "حصان طروادة" يؤدي المهمة .
تخدم هذه المهمة الإخوانية السياسة الأمريكية والاسرائيلية في أن تبقى مصر ضعيفة، لأن هذا الوضع كان السالب لسيادتها ودورها وبخاصة تجاه القضايا العربية، ولأن هذه السياسة غير جديدة فإن مستجد الإرهاب استهداف مصر في هذا لمجال يلبي المطامع التركية التي لم تعد خافية ولا هي قاصرة على أن تكون قوية بل إعادة بناء الإمبراطورية العثمانية .
إن مصر ستبقى عتية وبعيدة عن الأحلام التي تجاوزها التاريخ، ومستقبلها بأيدي أبنائها بطوائفهم وتياراتهم ودياناتهم وهي خالدة .