اطلس- هناك انتخابات اسرائيلية هامة تلوح في الأفق في آذار المقبل ويتصدرها رجل واحد: بنيامين نتنياهو. ورفع معسكر المعارضة الصهيوني شعارا يقول "إما نحن أو هو" في الوقت
الذي يسعى فيه نتنياهو لفترة حكم رابعة. الناس يملون نفس الوجه، وهناك عمر افتراضي لأي قائد في أي ديموقراطية. ويراهن الذين يأملون بخلافته على ذلك، فبعد تسع سنوات في الحكم، فقد استهلك وقته.
وشعورا من نتنياهو بهذا، فقد أقدم على المقامرة. وزيارته المخطط لها لواشنطن الشهر القدم لإلقاء خطاب أمام مجلسي الكونغرس تعتبر غزوة خطرة. فالرئيس باراك اوباما لن يقابله، وكذلك لن يقابله وزير الخارجية جون كيري. والعشرات من النواب الديموقراطيين اقترحوا مقاطعة الجلسة يوم ٣ آذار. وقد غضب الجميع بسبب قبول نتنياهو عرضا من الجمهوريين للقفز وسط السياسات الأميركية، وهو قبول تم دون أي مراعاة لبروتوكول إعلام البيت الأبيض بهذه الزيارة.
اوباما غاضب، وقد كان داعما بقوة لاسرائيل. إلا أن صبره تجاه رئيس وزرائها انتهى. والسؤال الآن هو ما إذا كان الناخبون في اسرائيل سيتراجعون إذا رأوا نتنياهو يقابل بتصفيق الأعضاء وقوفا في الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون عندما يشجب صفقة نووية محتملة مع إيران، أم عندما يتجاهل اوباما نتنياهو بسبب قرار الأخير اللعب خارج السياق.
وتشعر اسرائيل بعدم الارتياح عندما تتدهور العلاقات مع الولايات المتحدة إلى الحد الذي وصلته الآن. ،هم أيضا يعرفون أن أي رد ذي مصداقية على إيران لا يتم إلا من خلال وحدة أميركية- اسرائيلية، وأن هذا الرد سيفشل في غياب هكذا وحدة.
إن زيارة نتنياهو لواشنطن- التي أفرخت على يد الرئيس الجمهوري لمجلس النواب جون بويهنر والسفير الاسرائيلي في واشنطن رون ديرمر- نجمت عن سوء تقدير.. أما مدى خطورة ذلك فسيتضح فيما بعد.
وخلال الأسبوعين الماضيين التف أعضاء الليكود حول حزبهم. وتظهر استطلاعات الرأي الآن أن الليكود يتقدم قليلاعلى حزب المعسكر الصهيوني الوسطي حيث قد يحصل على ٢٥ أو ٢٦ مقعدا في الكنيست مقابل ٢٣ أو ٢٤ مقعدا للمعسكر الصهيوني. وفي الشهر الماضي كان الحزب المعارض يتقدم قليلا على الليكود،. ويعود السبب في هذا التغيير إلى كلمة واحدة وهي "الأمن". وعندما يزداد التهديد على اسرائيل يتعزز موقف نتنياهو. ويظهر منشور انتخابي دعائي لليكود نتنياهو يصل إلى بيت عائلة خرج الأبوان منها للسهرة، ويقول التعليق :"انتم طلبتم بيبي ستر "جليس أطفال"، وتحصلون على "بيبي- ستر" وبيبي هو لقب نتنياهو.
ولكن بالطبع فجليسو الأطفال يهتمون بالحاجات الفورية للأطفال. وهم لا يبنون مستقبلا لأنفسهم، ونادرا حتى ما يفكرون بالمستقبل. وبهذا المفهوم، فالإعلان إيجابي. والسؤال الأساسي حول فترة رابعة في المنصب لنتنياهو هو :حتى متى؟.
وقرار تسيبي ليفني وزيرة الخارجية السابقة واسحق هيرتصوغ زعيم حزب العمل أن يطلقا على كتلتهما اسم "المعسكر الصهيوني" له دلالته. فصهيونتهما تختلف عن مسيحيانية اليمين الاسرائيلي الذي يدعي أنها تحمل راية الصهيونية في الوقت الذي يخونها فيه من خلال المطامع في الأراضي بلا حدود. وهو ما يهدد البقاء طويل الأمد لدولة يهودية وديموقراطية.
هيرتصوغ وليفني ينطلقان من فكرة أن سلام الدولتين هو الضمانة الوحيدة لحلم المؤسس الصهيوني بوطن يهودي ديموقراطي. وهو النتيجة الوحيدة المنسجمة مع الأخلاقيات اليهودية المستندة للحق والعدل والسلام. أما نتنياهو فقد قدم خدمة كلامية لا أكثر لفكرة حل الدولتين، وسيواصل القيام بذلك إذا فاز في الانتخابات والنتيجة معروفة: وضع تكريس الواقع الراهن مع حروب منتظمة.
هذا ملخص لما يتم الرهان عليه يوم ١٧ آذار المقبل. فبعيدا عن القضايا الاقتصادية واتهامات الفساد ودسائس بويهنر- نتنياهو، فإن مستقبل اسرائيل في الميزان. ولا تحتاج اسرائيل جليس أطفال، لأنها بحاجة لزعيم ناضج.