اطلس- مع ظهور النتائج الاولية للانتخابات الاسرائيلية، وتأكيد حصول حزب الليكود على 30 مقعدا، وبالتالي تبوئه مكانة الحزب الاكبر في الكنيست القادمة، فأنه بات من شبه المؤكد ان يشكل بزعامة نتنياهو الحكومة الاسرائيلية القادمة، بالاشتراك مع احزاب اليمين
لمتدينة والقومية، وكذلك ومع حزب يمين الوسط، والتي مجتمعة سيكون لها اكثر من الاغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة، اي حوالي 67 مقعدا، اي اغلبية مريحة، تمكن الليكود واليمين من التبجح ومن التباهي بالاستمرار في قيادة الحكومة لفترة رابعة، وبالتالي التوسع والتعمق في تطبيق السياسات التي قامت بها الحكومة الحالية او السابقة.
ومع بدء الاحزاب المختلفة، المتطرفة والاكثر تطرفا وبانواعها، في وضع شروطها من اجل الانضمام الى الحكومة، ومع بروز اهمية كل حزب رغم صغره او رغم عدد المقاعد التي حصل عليها، فأن من ضمن الشروط والمطالب التي سوف نسمع ونقرأ عنها، سوف تكون حول الاستيطان ومصادرة الارض وارض اسرائيل الكبرى والعملية السلمية والامن والاخطار، وحول التفاوض وحتى حول امكانية ضم مناطق، باتت بحكم الواقع والممارسة لا تحتاج حتى الى الضم، وبالاخص ان الدعاية الانتخابية لبعض هذه الاحزاب، او حتى التصريحات التي تباهى بها قادتها، لم يتم نسيانها بعد، وبالطبع فأنه سوف يكون لكل ذلك انعكاسات علينا، وعلى الاستراتيجية الفلسطينية المستقبلية، وبالطبع على الاوضاع الفلسطينية، من كافة نواحيها الاقتصادية والمالية والاجتماعية وما الى ذلك؟
وفي خضم هذه الاوضاع، من المفترض ان تكون لنا استراتيجية واضحة، وان يكون هناك خطوات عملية، وبأن يكون هناك خيارات وبدائل، وكذلك ان يكون هناك توقعات بالاسوأ او بالوصول الى اوضاع اكثر تأزما او جمودا، وبأن يكون هناك تواصل مع الناس وبوضوح، حول جدوى واهمية وعقلانية الخطوات القادمة، وبان يتم تبيان الامكانيات والقدرات وما يمكننا القيام به،وبالاخص في هذه الفترة بالذات، حيث الاحداث في المنطقة العربية وفي العالم، تبعد الاهتمام، او الاولويات عنا، وحيث التشرذم العربي والاهم الانقسام الفلسطيني ليس في صالحنا على الاطلاق؟
ومع حصول اليمين بزعامة الليكود على الاغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة، فمن المتوقع ان تستمر، وفي الفترة القادمة، على الاقل السياسة، التي كانت تتبعها الحكومة الحالية في المسار الفلسطيني، من الجمود ومن المناورة ومن التكرار ومن الابقاء على مفاوضات لا تراوح مكانها، ربما لسنوات قادمة، وتدور في حلقة مفرغة، وفي نفس الوقت، سوف تتعمق سياسة او ممارسة تغيير الواقع على الارض، من تكثيف للاستيطان ومن توسع، وبالاخص ان الحكومة القادمة سوف تحوي احزاب الاستيطان بأنواعها، وبدون وجود مرادف او مواز من احزاب الوسط الاخرى التي شكلت الحكومات اليمينية السابقة، وهذا يعني ان حل الدولتين، ومن خلال المفاوضات، سوف يكون في طريقة الى الاندثار، هذا اذا لم يندثر بعد .
حيث نعرف ان خيار حل الدولتين، وبغض النظر عن الشروط او عن الظروف والمحددات، اللاتي من الممكن ان تحدد قيامهما، هو الذي شكل الاساس، ومنذ سنوات طويلة، لعملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وهو الذي شكل اساس ما يعرف ب" المبادرة العربية للسلام"، وهو الذي شكل لب او جوهر القرارات الدولية، وشكل المؤشر او الموجة للمبادرات من كل حدب وصوب، وهو اصبح الان، عمليا غائب من القاموس السياسي لكل الاحزاب الاسرائيلية، التي من المتوقع ان تشارك في الحكومة القادمة، وليس هذا فقط، ولكن معظم هذه الاحزاب تدعو الى الابتعاد عنه او تعتبره الخطر التي تهدف من اجل درءه؟
وفي خضم ذلك، من المتوقع ان تزداد او تتعمق حملة او خطة تفتيت امكانية قيام اي نوع من الدولة، وان تزداد ممارسات فرض او تغيير الواقع على الارض، بشكل يمحي او يشوه او يزيل، حدود هذه الدولة، وهذا يشمل القدس، ومنطقة الاغوار، والجدار، والاستيطان، والكتل الاستيطانية، سواء اكانت في شمال الضفة او في جنوبها، والاهم تقسيم وتفتيت اي تواصل محتمل بين مناطق هذه الدولة، بشكل يسلبها السيادة، والموارد الاقتصادية والطبيعية، والتواصل الجغرافي، سواء اكان ذلك بين الضفة وغزة، او بين الخليل وجنين مثلا، او بين القدس من جهة وبيت لحم او رام الله من الجهة الاخرى؟
ومع تعمق التطرف او تأصل التوجه نحو اليمين في المجتمع الاسرائيلي، كما افرزته نتائج الانتخابات الاسرائيلية، ومع تضاؤل امكانية قيام مفاوضات حقيقية بين طرفين متوازيين او يحترمان بعضهما، ومع اندثار امكانية تحقيق حل الدولتين من خلال مفاوضات بين جهتين، ومع قتامة الوضع العربي، ومع تواصل الانقسام الفلسطيني، فأن الفلسطينيون يحتاجون وفي هذا الوقت بالذات، الى التشبث بأستراتيجية عملية، تأخذ كل هذه المعطيات على الارض بعين الاعتبار، وتعمل على التعامل وبجدية مع ملف الانقسام، وتعمل على تعميق البعد الدولي للوضع الفلسطيني وبكل ابعاده، والاهم تعمل هذه الاستراتيجية على ترسيخ التواصل مع الناس، حول خطوات وامكانيات وواقعية مثل هكذا استراتيجية، لان الكثير من الناس يتساءلون، متى وكيف وهل، ستغير الاستراتيجية الفلسطينية الحالية او القادمة من الواقع على الارض؟