اطلس- في ظل التشكيلة القادمة والمتوقعة للحكومة الاسرائيلية، وفي ظل انضمام فلسطين فعليا، الى محكمة الجنايات الدولية، وتواصل الجمود والتلكؤ في عملية السلام، وبالتالي التوجه الفلسطيني نحو المسار الدولي، بابعاده المختلفة، سواء اكان ذلك من خلال مجلس الامن الدولي، او من خلال محكمة الجنايات الدولية، او عن طريق الانضمام الى المعاهدات الدولية الاخرى
وفي ظل مواصلة ترسيخ الامر الواقع على الارض، والتوسع في البناء والاستيطان، وفي ظل تضارب الاولويات وتغيرها المتسارع في العالم وفي المنطقة، وفي ظل احداث وتجاذبات ومصالح متحركة، فهل يستطيع المجتمع الدولي بهيئاته المختلفة، ومنها مجلس الامن الدولي، ومحكمة الجنايات الدولية، هل يستطيع احداث تغييرات على الارض، او بالاحرى فالسؤال المهم، هو: هل يستطيع المجتمع الدولي فرض حل، مستوحى من قراراته الكثيرة المتعلقة بالمنطقة.
وبنظرة سريعة الى الماضي القريب، والى الاحداث التي جرت وتجري وتتصاعد، سواء اكانت في سوريا او في اوكرانيا او في ليبيا والعراق، او في نيجيريا او غيرهما من الدول والمواقع، فإننا نجد ان هذا المجتمع الدولي، قد كان عاجزا، بل كان مشلولا في فرض حلول او في احداث تغييرات على الارض، من خلال تطبيق او من خلال العمل لتطبيق القرارات التي اتخذها، وبالتالي فإنه اكتفى بأتخاذ بالقرارات، ومن ثم المنادة بتطبيق القرارات، ومواصلة المطالبة بذلك، وفي خضم ذلك، تواصلت الاحداث على الارض وربما نحو سارت نحو الاسوأ او الاكثر تعقيدا، او سارت باتجاهات ومسارات غير تلك التي رغب بها المجتمع الدولي، وبالاخص من خلال قرارات اهم هيئة ملزمة فيه، وهي قرارات مجلس الامن الدولي؟
والاحداث والتطورات التي تجري في اليمن هذه الايام، ربما تعكس واقع القرارات الدولية بدقة، حيث وبعد الكثير من جولات المحادثات ومن الزيارات واللقاءات، ومن ثم التوقيع على الاتفاقيات، والتي اتت في خضم قرارات مجلس الامن الدولي فيما يتعلق باليمن، ومن خلال المبعوث الدولي الخاص لليمن، لم يستطع المجتمع الدولي فرض حل او حتى فرض تطبيق الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، على الارض، وبالتالي نرى كيف تطورت الاحداث، وكيف تصاعدت الامور، وكيف تدخلت دول من اجل حماية مصالحها ومن اجل الحفاظ على وجودها وتماسكها ووحدتها من المخاطر، بعيدا عن الامل او عن التفاؤل، بقيام بالمجتمع الدولي بفرض الحل، او بتطبيق قراراته، وقامت بذلك، بدون الانتظار لقرار دولي جديد، سواء اكان ذلك من مجلس الامن الدولي او من غيرة من الهيئات الدولية.
وبنظرة الى الماضي القريب والبعيد، والى قرارات المجتمع الدولي المتعلقة بنا، اي بالقضية الفلسطينية، ومنها القرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي، وعن الجمعية العامة للامم المتحدة، وربما لاحقا تلك التي سوف تصدر عن محكمة الجنايات الدولية، اوعن غيرهما من الهيئات الدولية، فإننا نجد ان كل ذلك قد بقي على الورق او على الرفوف او في وسائل الاعلام، وبالاخص منها قرارات " مجلس الامن الدولي"، ولم تبادر الدول، التي من المفترض ان عليها ان تراقب وتتابع، تنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي، او حتى الى محاولة فرض تطبيق قراراته، وبالتالي استمر الواقع على الارض، والذي في العادة يسير بعكس اتجاه او اهداف القرارات الدولية، ومن ثم استمرت الجهود للتوجه الى الهيئات الدولية، ومنها مجلس الامن الدولي، واستمرت المداولات والنقاشات والمناورات ومحاولات الاقناع والضغوط والوعود وما الى ذلك، والهدف هو الحصول على قرار من اعلى الهيئات الدولية، ونحن نعرف انه حتى لو صدر هذا القرار، فلن تستطيع القوى الدولية، او المجتمع الدولي فرض او اجبار الاطراف المعينة على تطبيقة، وبالاخص الاطراف في مثالنا، والتي لم ولن تأبه بالمجتمع الدولي وقراراته.
ونحن نعلم ان المجتمع الدولي، وبعد الكثير من المداولات ومن القرارات، بات يعرف باوضاعنا وبواقعنا الكثير، وبات مطلعاً تماما على ما يجري على الارض، واتخذ قرارات مهمة لنا، ومنها قرار الجمعية العامة للامم المتحدة للاعتراف بنا كدولة، وبات المجتمع الدولي يعي انه وبدون حل المشكلة او المعاناة الفلسطينية المستمرة منذ عشرات السنين، فإنها سوف تبقى المصدر الاساسي والمولد الاهم للعديد من الصراعات ومن الظواهر ومن الحركات، وبالتالي من عدم الاستقرار في المنطقة وفي وغيرها من المناطق في العالم، والاهم انه بات يعرف انه اذا لم يتم ايجاد حل عادل للموضوع الفلسطيني، وتحت المظلة الدولية، فإن عدم الاستقرار سوف يبقى ويتصاعد ومن كل الاتجاهات.
وعلى الارض، وفي ظل التركيبة وبالتالي السياسة المتوقعة للحكومة الاسرائيلية، فإنه من المتوقع ان تتصاعد وتتكثف الانشطة الاستيطانية، من الناحية الكمية والنوعية، وفي ظل هكذا واقع، من المفترض ان يلقي الجانب الفلسطيني، الكرة في الملعب الدولي، او ملعب الامم المتحدة، او ملعب الجمعية العامة للامم المتحدة، وبالاخص ان هذه الجمعية قد اعترفت بهذه الارض كدولة فلسطينية، وكذلك اكدت على عدم شرعية ما يتم على هذه الارض، من استيطان ومن مصادرة ومن تقسيم وتفتيت، والذي يهدف في المحصلة للقضاء على امكانية اقامة دولة فلسطينية، كما تريدها الامم المتحدة، ولكن وفي نفس الوقت من المفترض، عدم التفاؤل كثيرا بإمكانية قيام او حتى محاولة قيام المجتمع الدولي بأية اجراءات، عملية يمكن ان تغير من الواقع على الارض، او عدم التفاؤل او المطالبة بأن يقوم المجتمع الدولي بفرض حلول او بتغيير واقع، لا يستطيع عملها او القيام بها.
وبالنسبة لنا، ورغم عدم الايمان او عدم التفاؤل، سواء في المدى القريب او غيره، بقيام المجتمع الدولي بإصدار قرارات ملزمة، ومن ثم السعي الى تطبيقها او فرضها، او حتى المبادرة الى تطبيق قررات سابقة، الا ان الخيار الدولي، وفي الوقت الحاضر بالذات، هو الخيار الامثل او الاكثر واقعيه لنا، سواء من اجل ابقاء القضية حية ومحور للنقاش، او للاستفادة من هيئات دولية ولو بشكل رمزي، او كورقة ضغط لاحداث تقدم حقيقي في المفاوضات، او لغير ذلك من الاهداف، ولكن بدون رفع سقف التوقعات من المجتمع الدولي، سواء بإمكانية فرض حلول، من خلال مجلس الامن الدولي، او من خلال غيره من الهيئات الدولية.