اطلس- عندما دخلت "النصرة" مخيم اليرموك مطلع ليلة الصفر في اعلان الحرب القذرة على سوريا ، كانت عينها على دمشق عبر هذا المخيم بما يمثل من خصوصية البؤس والفقر واللجوء ، ويحظى بقدسية القضية التي يمثلها ، وبمسؤولية اممية تتعدى انه ارض سورية تخضع لامرة النظام
قلة قليلة من فصائل المخيم ، تنبهت لخطر هذه الغريبة التي دخلت المخيم مدججة بالسلاح والمال السياسي ، ورجال لهم اجسام العلوج بعيون زرقاء وسحن شقراء ، ويرطنون بعدة لغات اجنبية ملفعة ببعض الايات الكريمة و لوازم ثابتة من على شاكلة "الرسول قائدنا" و"القرآن دستورنا " ، بل ان بعض الفصائل الدينية التي كان النظام قد منحها حرية العمل السياسي والعسكري ، تقاطعت معها عند هذا المنعطف ، فدعمتها من باب الاخوة الاسلامية في مواجهة نظام الكفر ، ونخص بالذكر اكناف بيت المقدس المتماثلة مع الاخوان بشكل عام وحماس بشكل خاص .
لم تكن "النصرة" آنذاك ، قد كبرت و نضجت وحملت بالحلال او بالحرام او بالسفاح او بجهاد النكاح ، لتنجب فيما بعد ، طفلتها "داعش" ، التي سرعان ما شبت على الطوق وخرجت عن الطوع ، ووصل الامر بعقوقها ان رفعت السلاح في وجه امها .
وعندما جد الجد ، وأحست النصرة ان ساعة الخلاص لهذا المخيم قد أزفت ، عبر الاتفاق الوشيك بين الفصائل والنظام ، لجأت الى ابنتها ، فأمنت لها المداخل عبر جحورها لكي تجتاح المخيم ، وتفسد مشروع الاتفاق ، وسرعان ما أفسدته بالفعل عبر عمليات القتل والسفك بحق الابرياء ممن تبقوا في المخيم ، لقلة الحيلة وكبر السن .
ظل النظام السوري خلال سنتي الحصار ، ينظر الى المخيم وفق الاعتبارات المرعية ، وخصوصية رمزيته المقدسة ، ولهذا توالت اللقاءات شبه الدورية مع وفود منظمة التحرير ، التي يتواجد اليوم ممثل عنها في دمشق . وخلص الى ما كان النظام يحاول تجنبه طوال الازمة ، الحسم العسكري ، صحيح ان المنظمة من رام الله دخلت على خط المجدلاوي الممثل الرسمي للوفد ، لتعلن رفضها لتصريحاته ولحالة الاجماع الفصائلي الوقوف الى جانب النظام في مواجهة داعش عسكريا ، لكنا هنا لم نسمع عن اجتماع للمنظمة يقر بالاغلبية او بغيرها ما يفسخ هذا الموقف .
وصحيح ان ليس لأحد من فصائل المنظمة اطماع في السيطرة على المخيم كطريق الى دمشق وقصرها الرئاسي ، ولكن ايضا ليست "داعش" الوحيدة التي تسعى لذلك عبر المخيم ، بل ايضا اكناف بيت المقدس و النصرة والجيش الحر وكثير ممن ينتظرون ذلك في تركيا وعدد كبير من الانظمة العربية حتى لو كان ذلك على حساب المخيم .
إن القضاء على داعش اليوم سيكون اسهل بكثير من غد او بعد غد ، مقدمة للقضاء على كل من يسيء للبندقية الفلسطينية التي لم تظل مشرعة الا في سوريا .