الكاتب: الأستاذ موسى ابو عرام
هي صرخة آثار الكرمل (البركة) المدينة الكنعانية التي تعني كرم الرب (كرمائيل) تقع في أقصى الجنوب حيث أن الكرمل اليوم هي إحدى قرى مدينة يطا وتقع إلى الجنوب منها وعلى بعد حوالي 5 كم وقد امتزجت بها أطياف الحضارات المختلفة التي مرت على فلسطين حيث أن أول من استوطنها هم العرب الكنعانيون ثم جاء بعدهم الرومان الذين بنوا الكنائس والأديرة والقصور والبرك ومنها بركة الكرمل التي سميت القرية باسمها في فترة من الفترات وهي ما تزال شاهدا على هذا العصر، كما ويوجد فيها ينابيع المياه التي كانت سببا في استمرار عمرانها عبر العصور وتوجد بها المباني القائمة للعيان مثال ذلك قصر الكرمل الذي اعتدى عليه الزمن فأصبح أطلالا وكنيسة بيزنطية في وسط البلدة وآثارا اسلامية من مباني ومساجد.
هذه الآثار يتم الاعتداء عليها بقصد أو غير قصد ومن باب الجهل في معظم الأحيان حيث يتم تدمير الكثير من هذه الآثار بغرض الاستفادة من حجارتها وتسويتها بالأرض لتحويلها إلى أراضي زراعية فهي تناشد وتستصرخ وزارة السياحة والآثار الفلسطينية لكي تحافظ عليها لأنها الجذور التاريخية لهذا الشعب المعطاء ورمز صموده وبقاءه وتجذره في أرضه. إن التخريب الذي تتعرض له آثار الكرمل ليدمي القلب ويبكي العين . هذه الآثار لو تم الكشف عنها لأصبحت محجا لكثير من السائحين الذين يحجون إلى وطننا ولكانت سفيرا لنا لدى الكثير من الشعوب للاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بأرضه وتاريخه وأمجاده.
إن قصر الكرمل المتهالك والذي يروي حكايات الزمان لو تم له الترميم وإعادة أعمدته وأقواسه وممراته ونوافذه وسقوفه لأصبح من أعظم الآثار الفلسطينية في الجنوب ولكان جامعة لدارسي الآثار والتاريخ في الوطن والخارج، وكذلك الكنيسة البيزنطية الواقعة في قلب مدينة الكرمل الأثرية هي من أعظم الكنائس في جنوب فلسطين ويشهد على ذلك أعمدتها وفسيفسائها وتيجانها . إنها معلم حضاري وأثري لو تم إزالة ما عليه من تعديات لدرّ الكثير الكثير من المال على الوطن والدولة ولكانت خير سفير لنا في الخارج.
إن آثار الكرمل لتوجه رسالة إلى الجامعات في الوطن الحبيب وإلى دارسي التاريخ والباحثين تدعوهم فيها إلى زيارة هذه الآثار والاطلاع على عراقتها والكشف عن قيمتها التاريخية وعن تجذرها في أعماق التاريخ. فأين الجامعات وطلاب العلم عن هذا الكنز الذي يتعرض للزوال بسبب جهل المواطنين بهذا التاريخ العريق؟!
إننا في مجلس خدمات قرى الكرمل نناشد وزارة السياحة والآثار والجامعات الفلسطينية بالقدوم إلى أرض الواقع والاطلاع على آثار هذه المدينة التي لا تقل حضارتها عن أكبر المدن الفلسطينية لكي يتم رفع الحيف والجوف والاعتداء على هذه الآثار وترميم ما يمكن ترميمه لتكن مزارا للسياح من كل أرجاء المعمورة لما للسياحة اليوم من آثار اقتصادية وسياسية واجتماعية فهي سفيرنا إلى العالم وشاهد على أحقيتنا بهذه الأرض المباركة.