الكاتب: أ. علام الاشهب
اتيحت لي الفرصة لحضور احد الندوات لمناقشة المشكلة المتعلقة بالبطالة والتشغيل , وكان الحضور ممثلا للقطاع العام والقطاع الخاص على مستوى عالي اضافة لمشاركة بعض مؤسسات المجتمع المدني.
لم اتفاجأ من الاعداد والنسب المتعلقة بالبطالة التى تصل الى ما نسبته 29% من حجم القوة العاملة في العام 2012 , أي ما يقارب 270,000 عاطل عن العمل , واننا بحاجة الى توفير ما يقارب 22,000 فرصة عمل كل عام للشباب الفلسطيني خاصة من خريجي الجامعات. علما أن القطاع العام يشغل ما نسبته 22% والقطاع الخاص يشغل ما نسبته 67 % والبقية قطاعات اخرى.
المتحدثون في هذه الندوة قدموا تشخيصا واضحا لهذه المشكلة بعيدا عن المشكلة الرئيسية الاولى وهي الاحتلال الاسرائيلي , والاعتماد على التمويل الخارجي , وقد دار النقاش حول العناوين الرئيسية التالية:
سوق العمل ومخرجات التعليم
من اهم خصائص سوق العمل الفلسطيني الداخلي انه سوق صغير و معزول قصريا عن العالم الخارجي لذلك يجب ان يكون هناك اهتمام كبير فيما يحتاجة سوق العمل , وان ينعكس ذلك على مخرجات التعليم الجامعي من حيث الحاجة الى ايجاد فرص عمل للخرجين. الكل اجمع على ان هذا الموضوع قد اشبع دراسة من خبراء ومتخصصين , ولكن ما نفتقده هو اليات للتنفيذ من جانب الوزارت المختصة والجامعات الوطنية.
اضف الى ذلك الموضوع المتعلق بجودة التعليم , وهنا تم الاشارة الى طرفي المعادلة : الجامعة والطالب , فالجامعة مطلوب منها ان تعمل باستمرار على مواكبة ما هو جديد في العلوم والتكنولوجيا , وان تنتقل من اسلوب التعليم التلقيني الى اسلوب التعلم المبني على اساس تعزيز الابتكار و الابداع , اذا ما اخذنا في عين الاعتبار ثورة الاتصالات المعلومات التى نعيشها اليوم . واما الطالب فمطلوب منه بذل الجهد والعمل لرفع قدراته ومعلوماته حتى يستطيع المنافسة ليس في السوق المحلي فقط , ولكن في الاسواق العربية المحيطة.
الجميع مقر ايضا انه يجب ان يكون هناك استراتيجية وطنية متناغمة مع احتياجات سوق العمل الفلسطيني وان تتوفر الميزانيات الحكومية لدعم قطاع التعليم على مستوى التعليم المدرسي والجامعي لمواكبة النهضة المعلوماتية بحيث ننتقل الى التعليم المبني على المعرفة , ولا نغفل ايضا دور التعليم التقني الذي اصبح سوقنا الفلسطيني بحاجة اليه لكي نتحول الى شعب منتج.
القطاع الخاص ودوره في التشغيل
الملفت للنظر ان القطاع الخاص يشغل ما نسبته 67% من الايدى العاملة وهذه النسبة مرتفعة بالمقياس العالمي , ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو مدى قدرة القطاع الخاص على استيعاب الاعداد المتزايدة من الخرجين الوافدين لسوق العمل التى تقدر ب 22,000 خريج سنويا كما اسلفت. صحيح ان هناك مبادرات اعتبارها من وجهة نظري صغيرة يقوم بها القطاع الخاص من باب المسؤولية الاجتماعية في تشغيل وتدريب بعض الخرجين وتهيأتهم لسوق العمل , ولكنها تبقى صغيرة لا تخدم سوى العشرات وبافضل حال مئات من الخرجين.
القطاع الخاص من وجهة نظري مطلوب منه شراكة حقيقية مع القطاع العام في العمل على مزيد من الاستثمار وزيادة الانتاج وخلق فرص عمل جديدة للمجتمع والمسؤولية الاجتماعية يجب ان تكون بحجم اكبر ومساهمات مالية اكبر وان يكون تفعيلها ليس بمجال الاعلام والعلاقات العامة فقط.
مؤسسات المجتمع المدني ودورها في التشغيل
واضح ان مؤسسات المجتمع المدني تقوم بدور التدريب والتاهيل للخرجين وتمتد ايضا الى مرحلة التشبيك مع القطاع الخاص لتوفير فرص عمل. ولكن ما اثير في هذا اللقاء ان ما هو مطلوب من مؤسسات المجتمع ان تعمل وفق سياسة وطنية للتشغيل بعيدا عن الاولويات التى يضعها المانحين لتلك المؤسسات . والحكومة المركزية مطلوب منها ان تلزم الجهات المانحة ان تعمل وفق الاستراتيجية الوطنية التى تضع الحلول على المدى البعيد وتعمل على تهيئة المجتمع لذلك.
ما هو المطلوب؟
في ظل هذا التشخيص البسيط للواقع الذي نعيشه يبقى السؤال من هو المسؤول عن وضع الحلول لهذه المشكلة التي نعيشها؟
من وجهة نظري مشكلة البطالة التي نعيشها في ظل واقع الاحتلال تلزم بالدرجة الاولى التدخل على مستوى الدولة لاننا اصبحنا نعيش واقع صعب يتعلق بهيكل الاقتصاد الفلسطيني وحل مشكلة البطالة يكمن في هذا الاطار مما يتطلب العمل على تصويب اوضاع سوق العمل الفلسطيني وخلق مناخ استثماري جيد يدفع للمزيد من الانتاج وتشغيل للايدي العاملة وان ننتقل من مرحلة الحديث عن الشراكة الثلاثية بين القطاعات العام والخاص والتعليمي الى مرحلة التنفيذ على ارض الواقع . فمجتمعنا الفلسطيني قد شبع من التشخيص ويحتاج الى حلول على ارض الواقع تفتح الفرص امام الايدي العاملة وسيبقي السؤال قائما "كيف بامكاننا خلق فرص عمل جديدة" ؟