اطلس- بعد انتخابات مبكرة ، ومفاوضات مضنية لتشكيل الحكومة الإسرائيلية نجح نتانياهو بتشكيل حكومته التي وصفتها بعض الصحف الإسرائيلية بالأسوأ
والأخطر على مستقبل إسرائيل وهويتها، بتركيبتها اليمينية المتشددة التي لا ترى إلا مصالحها الضيقة ، ولعل القراءة السريعة لهذه الحكومة تبين الحرص الشخصي لنتانياهو على عدم الفشل في تشكيل حكومته، وهذا الخوف هو الذي دفعه لتقديم المزيد من التنازلات لحزب البيت اليهودي ورئيسه نفتالي بينت ، ولذلك هي حكومة شخصية فردية ، حكومة الشخص الذي لا يريد ان يفشل، وهو ما يعكس البعد الشخصي في شخصية نتانياهو، وارتفاع درجة الأنا لديه، فهو الطامح للمنصب للولاية الرابعة ليدخل تاريخ إسرائيل من هذه الزاوية ، وبقراءة تشكيلة الحكومة نورد هذه الملاحظات العشر السريعة :
-1-
هي حكومة الشخص كما أشرنا، الذي يسعى إلى تحقيق انتصار شخصي ، وإنجاز سياسي ، وخوفه من فشله في تشكيل حكومته، قد يكون اصعب من فشله في الإنتخابات ذاتها ، وهو ما سيجعل منه رئيس وزراء بيد رؤساء الأحزاب الصغيرة المنضوية في الحكومة ، وهو ما يؤكد أيضا فقدانه القدرة على اتخاذ القرار السياسي المؤثر وهذا يتناقض مع احد مكونات شخصيته، ويدرك نتانياهو هذا الوضع المؤلم له ، لذلك سيظل يتطلع لانضمام ليبرمان لحكومته بالتنازل له عن حقيبة وزارية ذات طبيعة سيادية.
-2-
زيادة دور الأحزاب الصغيرة وتحكمها في القرار السياسي للحكومة مثل شاس والبيت اليهودي وهتوراة ، وذلك على حساب الأحزاب الكبيرة ، وهو ما يعني تراجع إن لم يكن اندثار ظاهرة الأحزاب الكبيرة وأحزاب الوسط، وبداية ظهور دور الأحزاب الصغيرة وهو ما قد يدخل إسرائيل في مرحلة تحول بنيوية كبيرة في بنية النظام السياسي الإسرائيلي الذي قام اولا على ظاهرة الحزب الأوحد المهيمن وهو حزب العمل، ثم الثنائية الحزبية الليكود والعمل ، ثم مرحلة دور أحزاب الوسط، واخيرا مرحلة الأحزاب الصغيرة.
-3-
دخول إسرائيل لمرحلة من الإستقرار السياسي ، وتفاقم المشكلات والتحديات التي تواجه هوية إسرائيل وخصوصا اليهودية ، ومن ثم قد تبرز مشاكل الإندماج والتكامل من جديد، وتعبر عن نفسها بمظاهر من العنف الإحتجاجي الإجتماعي . وهو ما قد يقود لإنتخابات مبكرة لمثل هكذا حكومة .
-4-
ضعف وغياب ظاهرة المعارضة السياسة القوية وعدم التناسق بين مكوناتها فمن ناحية عدم مشاركة ليبرمان في الحكومة لا يعني أنه قد انضم للمعارضة ، بل يبقى بمثابة احتياط او رصيد للدخول للحكومة ، فعدم مشاركته هدفه الضغط على الحكومة ، وليس الإنضمام للمعارضة ، ومن ناحية ثانية عدم التناسق بين القائمة العربية ، وبين المعسكر الصهيوني .
-5-
زيادة احتمالات تغيير في بنية نظام الحكم الإسرائيلي،ومن ذلك زيادة عدد الوزراء ، ليزداد هامش المناورة بيد رئيس الوزراء، مما قد يتيح له المساومة أكبر بين الأحزاب الفائزة واللاهثة لدخول الحكومة. وهذا من شأنه تعقيد مؤسسة صنع القرار السياسي .
-6-
غياب البرنامج السياسي الواضح لهذه الحكومة والتركيز على سياسات الإستيطان والتهويد، والتسريع في وتيرتها ، وزيادة المناقصات الإستيطانية لذلك هي حكومة استيطان.
-7-
تشكيلة الحكومة رسالة واضحة للسلطة الفلسطينية وحركة حماس، فمن ناحية تشكل هذه الحكومة إعلانا واضحا وقاطعا بأنه لم يعد هناك أي فرصة للسلام والمفاوضات ، لأن السلام لا يقع على اجندتها والبديل لها فرض الأمر الواقع على الأرض،ومن ناحية غزة خيارها واضح إما هدنة طويلة الأمد، بتقويض قدرات المقاومة ، وصفقة شاملة تضمن إطلاق أسرى محتملين لدى حماس،وإما خيار الحرب وهو الأقرب لتركيبة هذه الحكومة.
-8-
زيادة احتمالات العزلة الدولية ، والمقاطعة ، وبداية تقييم دولي جديد في العلاقة مع إسرائيل، وزيادة احتمالات ممارسة قدر من الضغوطات على إسرائيل، قد يعبر عن نفسه في قرار دولي يصدره مجلس الأمن ، وقد تكون هذه الحكومة بداية لإدراك مخاطر استمرار الإحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين، وعدم قيام الدولة الفلسطينية ، ولذلك هي حكومة الخطر على إسرائيل وديموقراطيتها ، وهويتها ، ودورها في السياسة الدولية.
-9-
في ضوء الملفات الإقليمية والدولية المتسارعة التي تمس امن وبقاء إسرائيل ، قد تزداد احتمالات تشكيل حكومة وحدة وطنية ، بالعودة لخيار حكومة من الليكود والمعسكر الصهيوني ، هذا احتمال قد تفرضه التحولات الإقليمية والدولية التي إسرائيل جزء منها.
-10-
يبقى ان نتانياهو يدرك ان هذه الحكومة هي الحكومة الأخيرة له، ولذلك قد يسعى لتحقيق إنجاز سياسي بالمفاوضات مع الفلسطينيين وهذا احتمال ضعيف مع حكومة يمينية ، لكنه قائم في حال حكومة وحدة ، والإنجاز الآخر إنجاز امني عسكري بالدفع بالمنطقة لقرار حرب إما على المستوى الإقليمي او على مستوى غزة.
هذه بعض الملاحظات التي ينبغي ان تقرأ فلسطينيا جيدا في اعقاب تشكيل هذه الحكومة.ويبقى التساؤل ماهي الخيارات الفلسطينية مع مثل هكذا حكومة إسرائيلية؟