الكاتب: د. سعيد عياد
ليس ثمة دولة أكثر ارتباطا بالقدس وفلسطين وأشد من المغرب.فالقضية الفلسطينيةهي قضية وطنية مغربية وليس فحسب قضية قومية.والدور المغربي على مر السنين نحو فلسطين مشهود له بالفعل والدعم الحقيقي والوقوف الثابت في المحافل كلها جليّ ليس بحاجة إلى شهادة أحد، فهو فوق المزايدات الحزبية والعصبوية والتحريض الحزبي والفئوية المنغلقة على ذاتها.
قد لا يعرف عصام العريان القيادي في حزب الحرية العدالة المصري الحاكم، لجهله بالقضية الفلسطينية ، أن العلاقات المغربية الفلسطينية جذرية وتاريخية تمتد إلى أكثر من أربعة عشر قرنا حين جاء المغاربة حاجين إلى بيت المقدس، ومذاك يرابطون في حيّهم وفي القدس وأكنافها، مدافعين عن مسرى الرسول، منصهرين بالقدس تاريخا وعروبة وصمودا وتحديا وبقاء أبديا.
إن شريان الدم الفلسطيني المغربي المتوحد عربيا وإسلاميا، لا يمكن للعريان وغيره أن يدرك كنهه، لأن بصيرته أعمته عن إدارك التاريخ، فثمة شهداء مغاربة سقطوا دفاعا عن القدس وعن عروبتها وفلسطينيتها، في وقت كان كثيرون ممن يدعون العروبة والإسلام يقفون على التل متفرجين .وثمة خمسة وثلاثون مليون مغربية ومغربي مسكونين بفلسطين كما المغرب.العريان الذي اختار صف المزايدين المتفرجين لا يعرف ولن يعرف أن ثمة روحا مغربية فلسطينية تشكلت في جسد واحد ، حين كان يخرج ملايين المغاربة نصرة لفلسطين، وحين كانت وفود المغرب تأتي إلى غزة لتضمد جراح أهلها وتعيد إعمار ما هدمه الاحتلال، بينما العريان وحزبه لم يرفعوا صوتا لرفع الحصار عن غزة هاشم.
ربما العريان لم يزر المغرب وإن زاره فلا بد أنه قرر مسبقا حجب بصره عن المشهد المغربي من أقصاه إلى أقصاه، حيث توجد فلسطين مغروسة في وعي المغاربة وفي جغرافيتهم وفي بحرهم وهوائهم ومدنهم وقراهم وقراراهم السياسي والوطني، بالتأكيد إن هذا المشهد يزعجه ويقلقه فلذلك يتعامى عنه وينفيه ولكنه واهم لأن فلسطين هي ملتقى كل المغاربة بكل أطيافهم وتناقضاتهم السياسية، فالمغاربة لا يجمعون في قرارهم إلا على وطنهم ومن أجله وعلى فلسطين ومن أجلها.
لم يتخذ المغاربة أبدا فلسطين يوما قميص عثمان كما فعل كثيرون، بل هي دائما نبض وعيهم السياسي وملهمة لنضالهم وهي هدفهم السامي.نحن الفلسطينيين لسنا بحاجة إلى شهادة العريان ولا نقبل بتدخله المرفوض ليقيّم علاقات شعبنا بالمغرب.فليهتم بشأنه وعليه أن يلملم جراح بلاده التي نكأها وزادها حزبه ألما، فلا يصدر أزمة حزبه في الحكم إلى الآخرين، ولأنه جاهل بالسياسية وبفلسطين والمغرب، فنقول له إذا أردت أن تتعلم الصمود فاقرأ الدرس الفلسطيني، وإذا أردت أن تتعلم فنون السياسية وصحيح العروبة فاقرأ الدرس المغربي.,