الكاتب: موسى أبو عرام
ما أن بدأ الكنعانيون بقطع حجارة البناء من مقلع الحجارة القديم والموجود داخل مدينة الكرمل الكنعانية حتى بدأت تتدفق ينابيع المياه الصافية من بين صخور هذا المقطع وتسيل في واديها إلى أن وصلت المياه الى قرية التوانة الواقعة في الجنوب منها حيث كانت تمر بواد ذي تربة خصبة تصلح للزراعة.
وبما أن الكنعانيين من أشهر الشعوب القديمة في الزراعة والري؛ قاموا بحفر بركة واسعة لجمع مياه الينابيع للاستفادة منها في الري وسقاية الماشية وهذه البركة ما زالت قائمة منذ ذلك الزمن إلى يومنا هذا تقدم المياه للماشية ولري المزروعات داخل مدينة الكرمل. أما من حيث حجمها فتبلغ مساحة هذه البركة دونما كاملا حيث أن عرضها عشرون مترا وطولها خمسون ويبلغ عمقها نحو تسعة أمتار أي أنها تستوعب ما مقداره تسعة آلاف كوب من المياه المتدفقة من العيون المحيطة بها .
ومما ساعد على استمرار وبقاء هذه البركة موقعها على طرق القوافل التجارية القادمة والمغادرة من بلاد الشام إلى الغرب الافريقي وقد كانت محطة للحجاج المسلمين القادمين من غرب افريقيا إلى بلاد الشام والحجاز . ولقد تم ترميم هذه البركة عدة مرات ففي العهد البيزنطي تم حفر بركة أخرى ومد أنانبيب فخارية توصل بين البركتين من أجل استيعاب كميات المياه الزائدة والتي تهدر في واديها دون فائدة كما أن الأمويين قاموا بترميم هذه البركة حتى تكون محطة للحجاج والقوافل التجارية بين مصر وبلاد الشام وكذلك تم ترميمها مرة أخرى زمن الحكم العثماني على يد الخليفة سليمان القانوني لكي تستمر في تقديم الخدمة للقوافل التجارية وري المزروعات وفي العصر الحاضر تم إزالة ما بداخل البركة من أتربة ورسوبات وعمل مدرج وحدائق حولها ورصف ساحاتها لكي يتم المحافظة عليها وبقائها قائمة على خدمة المزارعين وأصحاب المواشي.
أما اليوم فإن بلدية الكرمل ترنو إلى إيجاد من يمد لها يد العون من دول مانحة أو غيرها لكي تعمل على إنجاز الحديقة العامة التي تم وضع حجر الأساس لها حول بركة الكرمل لتكن متنزها عاما لأبناء هذه البلدة الطيبة والقرى المجاورة لها ولتكن استراحة للسياح الذين يقصدون هذه الديار المباركة. لذا فإن بلدية الكرمل تتقدم بدعوة مفتوحة إلى الدول المانحة وأي جهة أخرى بامكانها مساعدتها على انجاز مشروع متنزه بركة الكرمل التي تعبق بأرج الماضي وعراقته وجمال الحاضر وترنو إلى المستقبل الذي يحلم به كل غيور على تراب الوطن الغالي.