اطلس- فتح رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو من حيث لا يدري الصندوق الاسرائيلي الأسود الذي اختزن في داخله كل الأوراق ذات الصلة بالهجرة اليهودية إلى فلسطين
وذلك حين ناشد يهود فرنسا بالهجرة إلى أرض الميعاد حيث يتوفر لهم الأمن والاستقرار ويكونون في منجى من أعداء السامية .
أما أول تلك الأوراق في ملف الهجرة فهو ما سعت إليه الصهيونية في بواكيرها من مقاومة اندماج اليهود في المجتمعات التي ولدوا وعاشوا فيها . خصوصاً بعد الثورة الفرنسية التي رفعت الشعار الثلاثي الذي يتضمن الحرية والعدل والمساواة .
ويعترف أكثر من كاتب يهودي بأن الصهيونية ألحقت الأذى باليهود كي تقنعهم بالقوة أن الاندماج مضاد لأحلامهم وعقيدتهم لأنها ولأول مرة في التاريخ حولت الدين إلى قومية . وهذا ما يفسر إلحاح نتنياهو على تهويد الدولة!
لم يُغضب نتنياهو الفرنسيين فقط، عندما أوحى إليهم بأنهم عاجزون عن حماية اليهود في بلادهم، وبالنسبة لبعض المثقفين الفرنسيين أعاد نتنياهو إلى ذاكرتهم تلك "الفوبيا" المتعلقة بدرايفوس، المجند اليهودي الذي اتهم بالخيانة لصالح الألمان .
ولم يسلم نتنياهو حتى من نقد لاذع نشرته أبرز صحيفتين عبريتين، وقالت إحداهما إنه يستثمر المصائب حتى لو كانت يهودية لأسباب انتخابية، وما صرح به أثناء حضوره غير المرغوب فيه جنازة ضحايا مجلة "شارلي إيبدو" عينة من هذا الاستثمار بحيث بدت مصائب الآخرين فوائد له . والرجل لا يخفي هذا النمط من التفكير . فقد اعترف به في كتابه "مكان تحت الشمس" الذي يستحق من الفرنسيين أن يقرأوه الآن أو يترجموه إلى لغتهم إن لم يكن قد ترجم إليها من قبل!
ففي ضوء هذا الكتاب سيفهمون بالضبط دوافعه!
والتنكيل الذي تعرض له يهود غردوا خارج السرب بدءاً من الفيلسوف سبينوزا حتى إسرائيل شاحاك وفعنونو الذي افتضح أسرار المفاعل النووي في ديمونة وسجن عدة مرات.. يجزم بأن الصهيونية تستخدم اليهود لتحقيق أهداف لا علاقة لها بحمايتهم، بل هي تورطهم وتحول المستقبل بالنسبة إليهم إلى كمين تاريخي .
يعرف نتنياهو أكثر من سواه نسبة الهجرة المعاكسة في الجانب الاسرائيلي، وهي في تصاعد يهدد أحلامه بما يسمى في أدبيات الصهيونية "إسرائيل الكبرى"، ومن يرصد ما يصدر عن يهود شرقيين أو سفرديم وعن الفلاشا من اعترافات بأنهم يعيشون في الجحيم وليس في نعيم أرض الميعاد يعرف على الفور أن مطالبة نتنياهو ليهود فرنسا بالهجرة إلى فلسطين أمر يدعو إلى السخرية، فمن باب أولى أن يحتفظ باليهود الذين يعيشون مذعورين في فلسطين بدلاً من نداءاته التي تريد خلع يهود فرنسا من جذورهم الفرنسية.