اطلس- ربما كانت التقارير الاخيرة عن واقع الامية في العالمين العربي والاسلامي مذهلة الى حد الصدمة ، ما يزيد على 40% يعجزون عن كتابة جملة او حتى قراءتها ، وان معدل قراءة المتعلمين ممن يقرأون ويكتبون ، لا تتعدى ستة دقائق في السنة .
وبغض النظر عن مدى دقة هذه الاحصائيات ، فإنها كافية لأن تعطينا صورة واضحة عن واقع هذه الامة المأساوي ، بل لكي تخبرنا عن الاسباب التي تكمن وراء ذلك .
لكن هذا لا يمنعنا من ان نتبحر قليلا وسريعاً في البحث عن الاسباب التي تقف وراء كل ذلك ، وبعبارة ادق في البحث عن اسباب الاسباب ، في أمة أمرها ربها في اول آية من محكمه العزيز بأن تقرأ ، ولكنها بدلا من ذلك ، ورغم مرور ما يناهز على الف وخمسمائة سنة على تنزيلها ، فإنها ما زالت لا تقرأ .
من أهم أسباب ذلك ، حكامها ، المتربعين على مقدراتها في طول الوطن وعرضه ، افقيا وعموديا ، لم نعرف حاكما ، يشار له بالبنان انه كان عظيما في علمه وحكمته وسعة أفقه وعلو شأنه بين الشعوب والامم الاخرى ، بل ربما على العكس تماما ، نعرف العشرات ممن تصدوا للعلماء والكتاب والحكماء ، بما في ذلك قتلهم وحبسهم ونفيهم وتقطيع اوصالهم واحراق كتبهم .
البعض يعتقد ان ذلك قد تم في الازمان الغابرة ، ايام ابن المقفع وابن برد وابن رشد و المعري والحلاج ، ولكن ذلك مستمر في ايامنا الحاضرة ، وإن كان بأشكال اخرى ، لقد تم قتل المفكر اللبناني حسين مروة والمصري فرج فودة وقضى الشاعر السوري نزار قباني و الروائي السعودي عبد الرحمن منيف والسوداني الطيب صالح بعيدون عن اوطانهم ، ومنعت كتب ادوارد سعيد ومظفر النواب والعشرات غيرهم من التداول في هذه الدولة او تلك ، وحتى في الامس القريب ، يتم اعتقال مدونين بدعوى التعرض للدين او للحاكم ، واصدار عقوبات بجلدهم امام العامة ، متناسين ان 40% على الاقل من هؤلاء العامة هم اميون .
لقد سئل الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل ، الذي اضهد بدوره وزج في سجن "الرئيس المؤمن" انور السادات ، عن مآخذه على الرئيس المخلوع حسني مبارك ، فقال من بين ما قال : انه لم يقرأ كتابا واحدا طوال ثلاثين سنة من حكمه .
الا يدعو للتساؤل ، كيف يصعد مطرب صعودا صاروخيا ، وتلبس مطربة على جسدها و جيدها ونعلها ثروة بالملايين ، في حين بالكاد يجد شاعر او روائي او كاتب ما يسد رمق اطفاله .
يقول نزار قباني:يا تونس الخضراء ،هذا عالمُ يُثرى به الأميً والنّصابُ / فمن الخليج الى المحيط . . قبائل بَطرَت، فلا فكرُ ولا آدابُ/
في عصر زيت الكاز يطلب شاعر ثوبا ، وترفل بالحرير قحاب .