اطلس: حسب منظمة الصحه العالميه، فقد تم يوم أمس تسجيل رقما قياسيا بعدد الاصابات بفيروس كورونا، حيث تم تسجيل حوالي 350 الف أصابه في اليوم، بالاضافه الى حوالي 5500 وفاه، وهذا يعتبر مؤشرا كارثيا على ما وصل اليه الوضع العالمي الموبؤ بكورونا، وكذلك مؤشرا على ما ينتظر العالم
من هذا الفيروس الغامض في المستقبل، والذي بات من الواضح أنه يستطيع الوصول الى كافة الاماكن، محكمة الاغلاق والاكثر أمنا وسريه، ومن ضمنها البيت الابيض الامريكي، ولا عجب أن استمر هذا الصراع المفتوح وغير المتناهي بين كورونا والعالم، بأن تصل الاصابات اليوميه وبالاخص خلال فصل الشتاء القادم، الى حوالي المليون أصابه في اليوم الواحد، وما يمكن ان يتبع ذلك من وفيات قد تصل الى حوالى ال 10 الاف في اليوم على الاقل، وما يحدث في العالم هذه الايام، من عوده ثانية أو ثالثه للفيروس، لن نكون نحن بالبعيدين عنه في بلادنا، وسوف نكون جزأ من هذا الصراع بأمكانياتنا البسيطه وفي ظروفنا الاكثر تعقيدا.
ولا أحد يستطيع في الوقت الحاضر التنبؤ بكيفية انتهاء هذا الصراع الشرس بين كورونا والعالم، ومن ضمنه الدول الاقوى في العالم مثل أمريكا وروسيا ودول أوروبا المختلفه، التي تشهد عوده قويه للفيروس وبكل المقاييس، وما اصابة الرئيس الامريكي بالفيروس الا مثالا على غموض هذا الصراع، الذي من الواضح أنه لا توجد له نهايه في الافق، والذي ما زال يربك خطط التعليم والصحه والسفر والسياحه والاقتصاد وخطط التنميه في مختلف دول العالم، وما الاغلاقات الشامله التي نشهدها هذه الايام في الدول المحيطه بنا، سواء في أسرائيل أوالاردن الا دليلا علىعمق الارباك والشلل الذي اصاب وسوف يصيب صناع القرار وواضعي خطط التنميه بأنواعها، وبالطبع ورغم اننا لم نصل ولن نصل الى مرحلة الاغلاق الشامل ولاسباب خاصه فينا، الا أن هذا الفيروس قد اصاب وبقوه ما كان يخطط له المسؤولون وبأنواعهم.
ومن الواضح أن الفيروس قد كسب هذا الصراع على الاقل في الوقت الحاضر، مع عودة انتشاره في معظم دول العالم، سواء في أوروبا أو في دول محيطه بنا، حيث تصل الاصابات اليوميه في أسرائيل وفي الاردن الى الالاف والى عشرات الوفيات، وهذا ينطبق على دول اخرى، حيث انه ومع وجود اصابه غير مكتشفه أو بدون أعراض فانها قادره على نقل العدوى الى 3 اشخاص أخرين على الاقل، وهكذا دواليك، ومع ازدياد الاصابات الهائل في المنطقه، سوف يتبع ذلك زيادة عدد الحالات التي تدخل المستشفيات ومن ثم عدد حالات الوفيات، وفي المحصله سوف لا يحتمل النظام الصحي في أي بلد ذلك وسوف ينهار، أو يقف عاجزا أمام هذا الفيروس، ألذي اربك وما زال يربك أقوى دول العالم.
ورغم أن العالم يحاول انهاء هذا الصراع الشرس مع الفيروس من خلال التركيز على انتاج لقاح فعال وأمن، ورغم أن الرئيس الامريكي ترامب يتعهد وربما لاسباب انتخابيه، بأن هذا اللقاح سوف يكون في متناول اليد خلال أشهر أو أقل، أو حتى قبل الانتخابات الامريكيه في الشهر القادم، ألا أن توقعاتي الشخصيه وتوقعات عدد كبير من الباحثين وبعيدا عن التشاؤم لا تشير الى ذلك، وأن هذا العام سوف ينتهي وما زال الصراع محتدما مع هذا الفيروس، الذي سوف يكون قد أصاب الملايين وأودى بحياة مئات الالاف الاضافيين مع نهاية هذا العام، وبأن اللقاح وان تم الوصول اليه مع منتصف أو نهاية العام القادم، لن يكون في متناول غالبية الناس، وأنه سوف سوف يكون هشا ويتناوله من يستطيع بحذر وربما بخوف وقلق، وبالتالي سوف يستمر الصراع مع هذا الفيروس وبقوه حتى نهاية هذا العام أو العام القادم على الاقل.
ومع هذا الصراع الذي من الواضح أنه يسير لغير صالحنا، وفي ظل هذه الصوره المتشائمه والواقعيه، فأننا سوف نشهد موجات متتالية وبشكل أوسع وأخطر، أو بالادق موجه عميقه متواصله طويله، تصيب معظم الناس، مع أثار متفاوته، وهذا يدعونا الى التحضير الى التعايش مع ذلك، نفسيا وصحيا واقتصاديا وتربويا واجتماعيا وما الى ذلك، وسوف يكون الانتشار المجتمعي للفيروس متواصلا، وصولا الى تحقيق نوعا من المناعه المجتمعيه، أي انتاج اجسادنا الاجسام المضاده للفيروس التي تكون قادره على الانقضاض على الفيروس ومحاصرته، ولكن الخطوره هنا تكمن في تلاشي هذه الاجسام المضاده بعد فتره قصيره كما تشير بعض الدراسات، أو الى احداث الفيروس طفرات وبالتالي تغيير نفسه، ومن ثم يمنع الاجسام المضاده في الداخل من التعرف عليه ومحاصرته، وحتى يقضي على فعالية اي لقاح موعود أن توفر.
وعلى الرغم من ترويج الرئيس الامريكي لبعض الادويه لعلاج تداعيات كورونا، والادعاء انه قد تعافى من الفيروس بسببها، ألا أن العلماء والمختصين يعرفون أن أدويه الفيروسات لا تقضي على الفيروس، ولكن في أفضل الاحوال فأنها تحاصره ولفتره مؤقته وتمنع تكاثره وفي اللحظه التي يتوقف فيها اعطاء الادويه، فأن الفيروس يعود وبقوه، وبالتالي فأن الصراع بين الفيروس والعالم، حين يتعلق الامر باللقاح أو بالدواء، سوف يكون لصالح كورونا، على الاقل في المدى القريب، وسوف تكون نقطة القوه الوحيده في جانب العالم هي الوقايه، أي منع وصول الفيروس من الاساس الى خلايا الجسم، والاجراءات الوقائيه في هذا الصدد باتت معروفه للجميع، سواء أكان لكبار السن أو للصغار وسواء أكانوا رجالا أو نساء.
وهذا الصراع غير المتكافئ مع الفيروس قد قلب ما اعتدنا عليه في مجرى حياتنا خلال عشرات السنوات الماضيه، فالتعليم سواء اكان تعليما عاليا أو في المدارس قد تغير تماما، سواء من حيث الشكل أو المستوى، ولن يعود الى ما كان عليه في المستقبل القريب، وأولويات الصحه، وبالاخص التعامل مع أمراض مزمنه من سكري وقلب وسرطان قد تغيرت، وأصبح الشغل الشاغل لدوائر الصحه في العالم ومنهم نحن هو كورونا وتبعاته، ومن الواضح أن الوضع لن يعود الى ما هو عليه قريبا، واستطاع هذا الفيروس أن يحطم السياحه ويغلق المطارات ويفرغ الفنادق من القادمين والمقيمين، ومن الواضح أن هذا سوف يستمر، واصبح واضحا أن هذا الفيروس سوف يكون عاملا حاسما، وربما الاهم في تحديد الفائز في انتخابات الرئاسه الامريكيه، وما ما دار خلال المناظرات الاخيره بين المتنافسين الا دليلا على ذلك.
وفي ظل هذا الصراع ، فسوف يكون التركيز على التعليم وبأنواعه من خلال الاستعانه بالوسائل الافتراضيه التكنولوجيه ولو بشكل تدريجي، وسوف يطال هذا أجلا أو عاجلا التخصصات العلميه والهندسيه، التي تحتاج الى مختبر ومعمل ومواد، وسوف يطال ذلك كذلك وسائل البحث العلمي وطريقه أجراء البحث وعرض أو نشر النتائج، وبدون شك أن التركيز على مواضيع علميه محدده، سواء من خلال التعليم أو البحث هو سوف يكون من أولويات الدول والمجتمعات المتعدده، بعيدا عن التعليم التقليدي "الوجاهي"، وبعيدا عن التخصصات الكلاسيكيه، وبعيدا عن أستثمار مئات بل الالاف من ملايين الدولارات في مواضيع ابحاث، اثبتت أزمة كورونا عدم الحاجه اليها، أو على الاقل أنها ليست من ضمن الاولويات الحاليه أو المستقبليه لشعوب كثيره في العالم.
وفي خضم هذا الصراع المريرالمتواصل منذ حوالي ال سبعة اشهر، سوف يحاول كل طرف أي الفيروس والعالم اللجؤ الى وسائل أخرى، وبما أن العالم سوف يواصل اللجؤ الى اللقاح أو الدواء أو وسائل وقايه جديد، فأن الفيروس سوف يلجأ الى طرق ملتويه قد تكون أشد فتكا، ومنها التحور أو التغير، أي تغيير في تركيب أو شكل جزء من البروتينات أو الاحماض الامينيه التي يتكون منها، أو بالاحرى الجينات المسؤوله عن تخليق هذه المواد الكيميائيه التي تنتج البروتينات، وبالتالي أحداث الطفره، واذا تم ذلك وربما خلال فتره قصيره، تكون كل جهود العالم لانتاج لقاح أو مصل أو مطعوم قد تبخرت، وفي هذا الحاله سوف يقبل الناس بالتعايش مع الفيروس كجزء من الحياه العاديه، وبالتالي تحمل الخسائر والتداعيات الناتجه عن ذلك، كل حسي ظروفه وامكانياته.